والثاني - على وقوع المصدر موقع الصفة، كأنه قال: ولكن البار " من آمن بالله ". قيل في معنى الآية قولان:
أحدهما - أنه كان قوم من الجاهلية إذا أحرموا، نقبوا في ظهر بيوتهم نقبا، يدخلون منه، ويخرجون، فنهوا عن التدين بذلك، وأمروا أن يأتوا البيوت من أبوابها. في قول ابن عباس، والبراء، وقتادة، وعطا. و (الثاني) - قال قوم، واختاره الجبائي: إنه مثل ضربه الله لهم. " وأتوا البيوت من أبوا؟ " أي أتوا البر من وجهه الذي أمر الله به، ورغب فيه، وهذا الوجه حسن.
وروى جابر عن أبي جعفر محمد بن علي (ع) في قوله: " وليس البر بأن تأتوا البيوت " الآية، قال: يعني أن يأتي الامر من وجهه أي الأمور. وروى أبو الجارود عن أبي جعفر (ع) مثل قول ابن عباس سواء. وقال قوم: أراد بالبيوت النساء، لأن المرأة تسمى بيتا على ما بيناه فيما مضى، فكأنه نهى عن إتيان النساء في أدبارها، وأباح في قبلهن. والأولان أقوى وأجود.
والباب: هو المدخل، تقول منه: بوب تبويبا إذا جعله أبوابا. والبواب:
الحاجب، لأنه يلزم الباب. والبابة القطعة من الشئ كالباب من الجملة.
فان قيل أي تعلق لقوله: " وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها " بسؤال القوم عن الأهلة؟ قلنا: لأنه لما بين ما فيه من وجه الحكمة، اقتضى لتعلموا على أمور مقدره، ولتجري أموركم على استقامة فإنما البر أن تطيعوا أمر الله.
ومن كسر (الباء) من البيوت، فلاستثقال الخروج من الضم إلى الياء. ومن ضم غيوب وكسر البيوت، فلان الغين لما كان مستعليا، منع الكسر، كما منع الإمالة.
وأما الحج، فهو قصد البيت الحرام، لأداء مناسك مخصوصة بها في وقت مخصوص. والبر: النفع الحسن. والظهر: الصفيحة المقابلة لصفيحة الوجه.
وقوله: " واتقوا الله لعلكم تفلحون " يعني واتقوا ما نهاكم الله عنه،