ورزقنا من بهيمة الأنعام. وأول التكبير - عندنا - لمن كان بمنى، عقيب الظهر من يوم النحر إلى الفجر يوم الرابع من النحر: عقيب خمسة عشرة صلاة، وفي الأمصار عقيب الظهر من يوم النحر إلى عقيب الفجر يوم الثاني من التشريق: عقيب عشر صلوات، واختار الجبائي من صلاة الغداة من يوم عرفة إلى صلاة العصر آخر يوم التشريق. وفيه خلاف ذكرناه في الخلاف.
وقوله تعالى: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه ".
المعني في ذلك الرخصة في جواز النفر في اليوم الثاني من التشريق وإن أقام إلى النفر الأخير، وهو اليوم الثالث من التشريق، كان أفضل، فان نفر في الأول، نفر بعد الزوال إلى الغروب، فان غربت فليس له أن ينفر. وقال الحسن إنما له أن ينفر بعد الزوال إلى وقت العصر، فان أدركته صلاة العصر، فليس له أن ينفر إلا يوم الثالث وليس للامام أن ينفر في النفر الأول، وبه قال الحسن.
وقوله تعالى: " فلا إثم عليه " قيل فيه قولان: أحدهما - لا إثم عليه لتكفير سيئاته بما كان من حجه المبرور وهو معنى قول ابن مسعود. الثاني - قال الحسن: لا إثم عليه في تعجله ولا تأخره. وإنما نفى الاثم، لئلا يتوهم ذلك متوهم في التعجل، وجاء في التأخر على مزاوجة الكلام كما تقول: إن أظهرت الصدقة ، فجائز. وإن أسررتها، فجائز، والاسرار أفضل.
وقوله تعالى: " لمن اتقى " قيل فيه قولان: أحدهما - لما قال " فلا إثم عليه " دل على وعده بالثواب، فقيد ذلك بالتقوى لله تعالى، لئلا يتوهم أنه بالطاعة في النفر فقط. والثاني - أنه لا إثم عليه في تعجله إذا لم يعمل لضرب من ضروب الفساد، ولكن لاتباع إذن الله فيه. وقالوا: معنى تجديد الامر بالتقوى هاهنا التحذير من الاتكال على ما سلف من أعمال البر في الحج، فبين أن عليهم مع ذلك ملازمة التقوى، ومجانبة المعاصي.
وروى أصحابنا: أن قوله " لمن اتقى " متعلق بالتعجل في اليومين، وتقديره " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه " " لمن اتقى " الصيد إلى انقضاء النفر الأخير