وضرب أصحابه بالسيف، وكالذي روى عن عمر من أنه طعن في رواية أبي هريرة (1) وشتم خالد بن الوليد وحكم بفسقه، وخون عمرو بن العاص ومعاوية ونسبهما إلى سرقة مال الفيئ واقتطاعه، وقل أن يكون في الصحابة من سلم من لسانه أو يده، إلى كثير من أمثال ذلك مما رواه التاريخ - وكان التابعون يسلكون بالصحابة هذا المسلك ويقولون في العصاة منهم هذا القول، وإنما اتخذهم العامة أربابا بعد ذلك. والصحابة قوم من الناس، لهم ما للناس وعليهم ما عليهم. من أساء ذممناه، ومن أحسن منهم حمدناه، وليس لهم على غيرهم كبير فضل إلا بمشاهدة الرسول ومعاصرته لا غير، بل ربما كانت ذنوبهم أفحش من ذنوب غيرهم، لأنهم شاهدوا الأعلام والمعجزات، فمعاصينا أخف لأننا أعذر ".
بعد أن فرغنا من الكلام عن عدالة الصحابة نبين كيف كان موقف علماء الأمة من أخبار الآحاد.
موقف علماء الأمة من أخبار الآحاد قال الجزائري يعقب على قول ابن الصلاح (2): إن الأمة قد تلقت البخاري ومسلم بالقبول "! إنه لم يبين ماذا أراد بالأمة! ولا ماذا أراد بتلقيها إياهما بالقبول!
وقد كان عليه أن يبين ذلك حتى لا تذهب العقول والأفهام في ذلك كل مذهب.
فإذا أراد بالأمة كل الأمة فلا يخفى فساده لأن الكتابين إنما حسنا في المئة الثالثة بعد عصر البخاري وأئمة المذاهب المتبعة، وإن أراد بعضها - وهم من وجد بعد الكتابين فهم بعض الأمة فلا يستقيم دليله، وإن أراد بالأمة علماءها - وهو الظاهر - فإن العلماء في هذا الأمر ثلاثة أقسام.
المتكلمون - والفقهاء - والنحويون - على أن العلماء الذين ينطبق عليهم هذا الوصف إنما هم الذين جاءوا بعد ظهور هذين الكتابين، في القرن الثالث الهجري، أما من قبلهم من أهل القرون الأولى الذين جاء فيهم حديث رفعوه إلى النبي صلى الله عليه وآله