ما يمكن إسقاطه، والشك فيما يجب الشك فيه، فليس علينا بأس من أن نسلك الطريق التي سلكوها وأن نضيف إلى القواعد التي عرفوها ما عرف المحدثون من القواعد الجديدة التي يستعينون بها على تحقيق النصوص وتحليلها وفقهها.
والشئ الذي لا يمكن أن يتعرض للشك، هو أن المسلمين قد اختلفوا على عثمان، وأن هذا الاختلاف قد انتهى إلى ثورة قتل فيها عثمان، وأن هذه الثورة قد فرقت المسلمين تفريقا لم يجتمعوا بعده إلى الآن. ا ه (1).
وختم الدكتور طه حسين هذا الفصل الممتع بكلام عن القواعد التي يجب على كل دارس للتاريخ الإسلامي أن يتبعها، ويقيم بحثه على أصولها، " ليستعينوا بها على تحقيق النصوص وتحليلها وفقهها ".
وأوجب كذلك على من يتصدى لدراسة هذه الأخبار دراسة صحيحة أن يقف من رواة الأخبار موقف العالم بطبائع النفوس البشرية، فينظر إليهم على أنهم " ناس من الناس يجوز عليهم الخطأ والصواب، ويجوز عليهم الصدق والكذب " وأن يتحرى الحق والإنصاف فيما يصل إليه من مروياتهم فلا يصدق منها ما يصدق لمرض في قلبه، أو يكذب ما يكذب لهوى في نفسه.
وإذا كانت هذه القواعد السليمة التي ساقها الدكتور طه حسين قد تغضب بعض الناس - فإنها ولا ريب مما يرضى عنه ويطمئن به العلم والحق والدين جميعا.
ونختم هذا الفصل بكلمة نقلها الدكتور أحمد أمين رحمه الله في ضحى الإسلام (2) من رسالة لبعض الزيدية وهي: " إنا رأينا الصحابة أنفسهم ينقد بعضهم بعضا، بل يعلن بعضهم بعضا - ولو كانت الصحابة عند نفسها بالمنزلة التي لا يصح فيها نقد ولا لعن لعلمت ذلك من حال نفسها، لأنهم أعرف بمحلهم من عوام أهل دهرنا (3)، وهذا طلحة والزبير وعائشة ومن كان معهم وفي جانبهم، لم يروا أن يمسكوا عن علي، وهذا معاوية وعمرو بن العاص لم يقصرا دون ضربه