نشأة علم الحديث بينا من قبل أنه لو أن أحاديث الرسول كانت قد كتبت عندما كان ينطق بها، وحفظ ما كتب على وجه الدهر منها، لتلقاها الناس كما تلقوا كتاب الله بغير بحث في صحتها، ولا تنقيب عن حقيقتها، ولكن عدم تدوينها في عهد صاحب الرسالة وأصحابه، وإتيانها من ناحية الرواية قد ألزم العلماء أن يبحثوا في أمرها لكي يعرفوا الصحيح والموضوع منها، وغير ذلك من أمور هذا العلم.
أول من ألف علم الحديث:
قال الحافظ ابن حجر (1): أول من صنف في الاصطلاح القاضي أبو محمد الرامهرامزى (2) فعمل كتاب " المحدث الفاصل بين الراوي والواعي " لكنه لم يستوعب، والحاكم أبو عبد الله النيسابوري المتوفي سنة 405، ولكنه لم يهذب ولم يرتب، وتلاه أبو نعيم الإصبهاني (430 م) فعمل على كتابه مستخرجا وأبقى أشياء للمنقب.... ثم جاء بعده الخطيب البغدادي (463) إلى أن جاء الحافظ الإمام تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح (643) فجمع كتابه المشهور فهذب فنونه، ولهذا عكف الناس عليه، وساروا بسيره، فمنهم المختصر له، كالنووي في تقريبه والناظم له كالعراقي (806). انتهى باختصار.
المراد من علم الحديث:
وقال ابن خلدون في فصل " علوم الحديث " من مقدمته (3):
ومن علوم الحديث النظر في الأسانيد ومعرفة ما يجب العمل به من الأحاديث بوقوعه على السند الكامل الشروط، لأن العمل إنما وجب بما يغلب على الظن صدقه