اللهم إلا في الفهم والإدراك، إذ تكون أدلتهم كلها متواترة كالقرآن الكريم فلا يأخذون بما سموه الظن الغالب الذي فتح أبواب الخلاف ومزق صفوف الأمة وجعلها مذاهب وفرقا، مما لا يزال أمره بينهم إلى اليوم وما بعد اليوم قائما. ثم كانت الأحاديث تصبح كذلك من أهم المصادر لعلماء النحو ورجال اللغة والبلاغة.
كيف كانت كتابة القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟
كان النبي حينما ينزل عليه من القرآن ما ينزل يأمر كتابه بأن يسارعوا إلى كتابته عند النطق به حتى لقد بلغ من حرصه على أدائه كما أوحى إليه، أن كان يحرك لسانه بما يتلقاه من الوحي حتى لا يتفلت منه شئ، فقد أخرج البخاري وغيره عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى " لا تحرك به لسانك.. " الآية، قال:
كان رسول الله يعالج من التنزيل شدة، وكان يحرك به لسانه وشفتيه مخافة أن يتفلت منه - يريد أن يحفظه - فأنزل الله: " لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه " ويقول إن علينا أن نجمعه في صدرك ثم نقرأه فإذا قرأناه - إذا أنزلناه عليك " فاتبع قرآنه " فاسمع له وأنصت، ثم إن علينا بيانه أي تبيينه بلسانك... إلخ.
وكان النبي يحض صحابته على حفظه وضبطه، والمداومة بالليل والنهار على تلاوته وكذلك كان يحث على قراءته في الصلاة وفي غير الصلاة وبذلك كثر القراء " الحفاظ " وقد كان بعضهم يكتب ما ينزل " ابتداء من عند أنفسهم أو بأمر النبي " ومنهم من حفظ بعضه، ومنهم من حفظ أكثره، ومنهم من حفظه كله وهم قليل.
كتاب الوحي:
كان كتاب الوحي - كما ذكروا - الخلفاء الأربعة وسعيد بن العاص وغيرهم، وقالوا كذلك إن أكثرهم كتابة وأشهرهم بينهم كان زيد بن ثابت وإن كان أول من كتب للنبي بمكة من قريش عبد الله بن سعد بن أبي سرح الذي ارتد، ثم عاد إلى الإسلام يوم الفتح، وأول من كتب بالمدينة أبي بن كعب وزيد بن ثابت (1).