سبب صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم:
كان أبو هريرة صريحا صادقا في الإبانة عن سبب صحبته للنبي (صلى الله عليه وسلم)، كما كان صريحا صادقا في الكشف عن حقيقة نشأته. فلم يقل إنه صاحبه للمحبة والهداية - كما كان يصاحبه غيره من سائر المسلمين - وإنما قال:
" إنه قد صاحبه على ملء بطنه ". ففي حديث رواه أحمد والشيخان عن سفيان عن الزهري عن عبد الرحمن الأعرج (1) قال: " سمعت أبا هريرة يقول: إني كنت امرأ مسكينا أصحب رسول الله على ملء بطني ". وراية مسلم: أخدم رسول الله، وفي رواية " لشبع بطني ".
وفي رواية لمسلم: كنت رجلا مسكينا أخدم رسول الله على ملء بطني. وفي رواية له أيضا: وكنت ألزم رسول الله على ملء بطني.
وسجل التاريخ أنه كان أكولا نهما، يطعم كل يوم في بيت النبي، أو في بيت أحد أصحابه، حتى كان بعضهم ينفر منه.
ومما رواه البخاري عنه أنه قال: كنت أستقرئ الرجل الآية وهي معي كي ينقلب بي فيطعمني - وكان خير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب، كان ينقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته، وروى الترمذي عنه: وكنت إذا سألت جعفر عن آية لم يجبني حتى يذهب إلى منزله. ومن أجل ذلك كان جعفر هذا في رأي أبي هريرة أفضل الصحابة جميعا، فقدمه على أبي بكر وعمر وعلي وعثمان وغيرهم من كبار الصحابة رضي الله عنهم جميعا.
فقد أخرج الترمذي والحاكم بإسناد صحيح عن أبي هريرة: ما احتذى النعال ولا ركب المطايا، ولا وطئ التراب، بعد رسول الله أفضل من جعفر بن أبي طالب (2).
شيخ المضيرة:
كان أبو هريرة يلقب " بشيخ المضيرة " وقد نالت هذه المضيرة من عناية العلماء والكتاب والشعراء ما لم ينله مثلها من أصناف الحلوى، وظلوا يتندرون بها، ويغمزون أبا هريرة قرونا طويلة من أجلها، وإليك بعض ما أرسلوه فيها.