حفظ الوعائين:
أخرج البخاري عن أبي هريرة قال: حفظت عن رسول الله وعاءين (1) فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم.
وهذا الحديث معارض بحديث رواه الجماعة (2) بألفاظ متقاربة عن علي رضي الله عنه، فقد سئل: هل عندكم كتاب؟ فقال: لا، إلا كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مسلم، أو ما في هذه الصحيفة.
وكذلك يعارضه ما رواه البخاري عن عبد العزيز بن رفيع قال:
دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباس فقال له شداد، أترك النبي من شئ؟ فقال: ما ترك إلا ما بين الدفتين.
ولو كان هناك شئ يؤثر به النبي (صلى الله عليه وسلم) أحد خواصه ويحجبه عن سائر أصحابه، لكان علي أول الناس جميعا بذلك، ذلك بأن ربيبه وابن عمه وأول من أسلم وزوج ابنته، ولم يفارقه لا في سفر ولا في حضر، وشهد معه المشاهد كلها - سوى تبوك - ولما استخلفه النبي فيها على المدينة قال له علي: أتخلفني في النساء والصبيان؟ فقال له النبي: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟!
إلا أنه لا نبي بعدي، رواه البخاري والترمذي.
حقا كان علي أولى الناس جميعا بذلك، فإن لم يكن علي فالصديق أبو بكر أو عمر، أو أبو عبيدة أو الزبير حواريه وابن عمته أو عائشة أحب أزواجه إليه بعد خديجة، أو العاقلة الرزينة أم سلمة أو ابن مسعود الذي قال له النبي: أذنك على أن ترفع الحجاب وتسمع سوادي أي سراري، حتى كانوا لشدة ملازمته للنبي (صلى الله عليه وسلم) لا يرون إلا أنه رجل من أهل بيته صلى الله عليه وسلم، وعرف بين الصحابة جميعا بأنه صاحب السواد والوساد، الذي لا يعرفه غيره رضي الله عنهم جميعا.