اليد اليهودية في تفضيل الشام ذكرنا لك من قبل (1) أن إشادة كهان اليهود إلى أن ملك النبي سيكون بالشام إنما هو الأمر خبئ في أنفسهم، ونبين هنا أن الشام ما كان لينال من الإشادة بذكره، والثناء عليه، إلا لقيام دولة بني أمية فيه، تلك الدولة التي قلبت الحكم من خلافة عادلة إلى ملك عضوض، والتي تحت كنفها وفي أيامها نشأت الفرق الإسلامية التي فتت في عضد الدولة الإسلامية ومزقتها تمزيقا واستفاض فيها وضع الحديث، فكان جديرا بكهنة اليهود أن ينتهزوا هذه الفرصة وينفخوا في نار الفتنة، ويمدوها بجيوش الأكاذيب والكيد وكان من هذه الأكاذيب أن بالغوا في مدح الشام وأهله، وأن الخير كل الخير فيه، والشر كل الشر في غيره.
وعلى أنه قد مر بك ذرو مما قاله هؤلاء الكهنة في أن ملك النبي سيكون بالشام، وأن معاوية قد زعم أن رسول قد قال له إنه سيلي الخلافة من بعده.
وطلب منه أن يختار الأرض المقدسة التي فيها الأبدال، فإنا نكشف هنا عن جانب آخر من كيد الدهاء اليهودي للمسلمين ودينهم وملكهم، ذلك أنهم لم يكتفوا بما قالوه في الشام مما أتينا على بعضه من قبل، بل زادوا على ذلك بأن جعلوا الطائفة الظاهرة على الحق تكون في الشام كذلك، وحتى نزول عيسى الذي قالوا عنه سيكون بأرضه...
فقد جاء في الصحيحين: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك، روى البخاري هم بالشام (2).
وفي مسلم عن أبي هريرة أن النبي قال: لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة. قال أحمد وغيره: هم أهل الشام.
ولما فتحت بلاد الأندلس جعلوها هذا الغرب المقصود، في الحديث وأطلقوا