في ذلك أحد من العارفين (1)، فقد وقع الاختلاف بعد ذلك بين العلماء في أمر هذه الرواية، فمنهم من منعها ومنهم من أجازها، ولأن هذا الأمر مما يجب بيانه لأهميته رأينا أن نذكر هنا طرفا من أدلة هؤلاء وهؤلاء، ولم نجد أحدا عرض بتحقيق شامل لهذا الأمر مثل العلامة الشيخ طاهر الجزائري في كتابه النفيس " توجيه النظر " وهاك ما قاله (2):
رواية الحديث بالمعنى واختلاف العلماء في ذلك " اختلف العلماء في رواية الحديث بالمعنى. فذهب قوم إلى عدم جواز ذلك مطلقا منهم ابن سيرين وثعلب وأبو بكر الرازي، ويروى ذلك عن ابن عمر (3).
وذهب الأكثرون إلى جواز ذلك - إذا كان الراوي عارفا بدقائق الألفاظ بصيرا بمقدار التفاوت بينها، خبيرا بما يحيل معانيها فإذا أبدل اللفظ الذي بلغه بلفظ آخر مقامه بحيث يكون معناه مطابقا لمعنى اللفظ الذي بلغه جاز ذلك (4).
وقد تعرض لهذه المسألة علماء الأصول - ولما كانت من المسائل المهمة جدا فقد أحببت أن أروى من عباراتهم هنا ما يكون فيه الكفاية:
قال أبو إسحاق الشيرازي في اللمع: والاختيار في الرواية أن يروي الخبر بلفظه، لقوله صلى الله عليه وسلم نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ثم أداها كما سمع،