وإن أتى بلفظ الاتصال، ولو لم يعرف أنه دلس إلا مرة واحدة. كما نص على ذلك الشافعي رحمه الله.
وروى مسلم بن الحجاج عن بسر بن سعيد قال: اتقوا الله وتحفظوا من الحديث، فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة فيحدث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ويحدثنا عن كعب الأحبار، ثم يقول فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله عن كعب، وحديث كعب عن رسول الله! وفي رواية - يجعل ما قاله كعب عن رسول الله، وما قاله رسول الله عن كعب! فاتقوا الله وتحفظوا في الحديث.
وقال يزيد بن هارون: سمعت شعبة يقول: أبو هريرة كان يدلس - أي يروي ما سمعه من كعب وما سمعه من رسول الله، ولا يميز هذا من هذا - ذكره ابن عساكر - وكأن شعبة يشير بهذا إلى حديث " من أصبح جنبا فلا صيام له "، فإنه لما حوقق عليه قال: أخبرنيه مخبر ولم أسمعه من رسول الله (1).
وقال ابن قتيبة في " تأويل مختلف الحديث ": (2) وكان أبو هريرة يقول، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كذا وإنما سمعه من الثقة عنده فحكاه.
أول راوية اتهم في الإسلام:
قال ابن قتيبة في تأويل متخلف الحديث: " إنه لما أتى أبو هريرة من الرواية عنه صلى الله عليه وسلم ما لم يأت بمثله من صحبه من جلة أصحابه والسابقين الأولين اتهموه وأنكروا عليه وقالوا: كيف سمعت هذا وحدك؟ ومن سمعه معك؟ وكانت عائشة رضي الله عنها أشدهم إنكارا عليه لتطاول الأيام بها وبه (3) وممن اتهم أبا هريرة بالكذب، عمر وعثمان وعلي وغيرهم وبذلك كان - كما قال الكاتب الإسلامي الكبير