كلمة جامعة في أحاديث أشراط الساعة - وأمثالها انتهى العلامة السيد رشيد رضا في تفسيره، بعد أن طعن في أحاديث أشراط الساعة وأماراتها - مثل الفتن والدجال والجساسة وظهور المهدي وغير ذلك - إلى هذه النتائج القيمة (1):
1 - أن النبي لم يكن يعلم الغيب " قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله، ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون " وهو معلوم من الدين بالضرورة، وإنما أعلمه الله ببعض الغيوب بما أنزل عليه في كتابه، وهو قسمان صريح، ومستنبط.
2 - لا شك أن أكثر الأحاديث قد روى بالمعنى كما هو معلوم واتفق عليه العلماء، ويدل على ذلك اختلاف رواة الصحاح في ألفاظ الحديث الواحد حتى المختصر منها، وما دخل على بعض الأحاديث من المدرجات وهو ما يدرج في اللفظ المرفوع من كلام الرواة - فعلى هذا كان يروي كل أحد ما فهمه وربما وقع في فهمه الخطأ، لأن هذه أمور يد غيبية وربما فسر بعض ما فهمه بألفاظ يزيدها (2).
وإذا كان النبي لم يطلعه الله تعالى على ما أطلعه عليه من هذه المغيبات بالتفصيل.
وكان يجتهد في بعضها ويقدر، ويأخذ بالقرائن كما قال النووي وابن الجوزي في تجويزه صلى الله عليه وسلم أن يكون ابن صياد اليهودي المعاصر له هو الدجال المنتظر، وكذا تجويزه أن يظهر في زمنه وهو حي، فهل من الغرابة أن يقع الخلط والتعارض فيما يروي عنه بالمعنى بقدر فهم الرواة. إن العابثين بالإسلام ومحاولي إفساد المسلمين وإزالة ملكهم من زنادقة اليهود والفرس وغيرهم من أهل الابتداع، وأهل العصبيات العلوية والأموية والعباسية، وقد وضعوا أحاديث كثيرة افتروها وزادوا في بعض الآثار المروية دسائس دسوها، وراج كثير منها بإظهار رواتها