بل أمعنوا في مناصرته، والتعصب له حتى رفعوا مقام الشام الذي يحكمه إلى درجة لم تبلغها مدينة الرسول صلوات الله عليه، ولا البلد الحرام التي ولد فيه، وأسرفوا في ذلك إسرافا كثيرا وأكثروا حتى ألفت في ذلك مصنفات خاصة.
وإذا كان هذا الموضوع وحده يحتاج إلى مؤلف برأسه فإنا - في حدود هذا الكتاب - سنلتزم جانب الإيجاز ولا نبدي إلا علائم وشواهد قليلة.
ومن أمثلة هذا الوضع:
مما وضعته البكرية وأخرجه ابن عساكر عن أبي هريرة: تباشرت الملائكة يوم بدر، فقالوا أما ترون الصديق مع رسول الله في العريش. وأخرج الخطيب عن ابن عباس عن النبي: هبط على جبريل عليه السلام وعليه طنفسة وهو يتخلل، فقلت له يا جبريل ما هذا؟ قال: إن الله تعالى أمر الملائكة أن تتخلل في السماء كتخلل أبي بكر في الأرض.
وأخرج أبو يعلى عن أبي هريرة، قال رسول الله: عرج بي إلى السماء فما مررت بسماء إلا وجدت فيها اسمى (محمد رسول الله وأبو بكر الصديق خلفي).
وأخرج أبو يعلى كذلك عن ابن عمر أن النبي قال: إن الملائكة لتستحي من عثمان كما تستحي من الله ورسوله.
وفي حديث أن رسول الله قال: فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام... وفي حديث أن صورتها قد جاءت النبي في سرقة من حرير مع جبريل وقال له: " هذه زوجتك في الدنيا والآخرة "!!
وفي حديث آخر: خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء وفي رواية " خذوا شطر دينكم... " إلخ.
وهذا باب واسع لا يمكن إحصاء كل ما فيه.
معاوية والشام أما معاوية والشام الذي حكمه هو وأقاربه حقبة طويلة فهاك فذلكة مما وضعوه في فضلهما.