نقد علماء فقه الحديث:
وقال رحمه الله:
إن لعلماء فقه الحديث من وراء نقد أسانيد الأخبار والآثار، نقدا آخر لمتونها من نواحي معانيها ولغتها، وحكم العقل والشرع فيها، وتعارضها مع غيرها، ويشاركهم في هذا النوع من النقد رجال الفلسفة والأدب والتاريخ ويسمونه في عصرنا " النقد التحليلي " ومن ثم استشكلوا كثيرا من الأحاديث حتى الصحيحة الأسانيد، تكلموا عليها في شروحها وصنف بعضهم كتبا خاصة بها، أشهرها كتاب " مشكل الآثار للطحاوي " (1).
وعلى الجملة فقد كان هم رجال الجرح والتعديل محصورا في تمحيص رواة السنة من حيث جودة الحفظ والضبط، وعدم الشذوذ على قدر الوسع وقلما يحكمون على الحديث بالاضطراب إذا كان الاختلاف واقعا في المتن - ولكن تمحيص متون الروايات أو مخالفتها للحق والواقع وللأصول أو الفروع الدينية القطعية الراجحة وغيرها لم يجعلوه من صناعتهم، وقل الباحثون فيه منهم - وكم من حديث ليس في إسناده إلا ثقة ثبت وهو معلول واه فالصحيح لا يعرف برواته فقط وإنما يعرف بالفهم والحفظ.
جل أحاديث الآحاد لم تكن مستفيضة في العصر الأول:
جاء في مقدمة كتاب المغني والشرح الكبير ما يلي:
يعلم من أدلة المذاهب أن جل الأحاديث التي يحتج بها أهل الحديث على أهل الرأي (2) وعلى القياسيين من علماء الرواية، هي من أحاديث الآحاد التي لم