فهذه خمسة أصناف من الحديث يتيه الباحث بين أوديتها الغامضة ولا يدري شيئا عن منفذ فيها يخلص منه، ذلك بأنهم لم يبينوا حدودها ولا ميزوا بين أصنافها ولا وضعوا موازين لتقديرها حتى يكون الناس على علم بها.
وهب الطالب قد اهتدى إلى القسم الصحيح منها فإن قلبه لا يطمئن إلى الأخذ به بعد أن صرحوا بأن صحة الحديث لا توجب القطع به في نفس الأمر لجواز الخطأ والنسيان على الثقة!
هذه كلمة صغيرة نذكرها في وقفتنا هذه ولا نتوسع فيها، وليس لنا بعدها إلا أن ندعو الله فنقول: اللهم أدركنا برحمتك وهيئ لنا من أمرنا رشدا.
بعض أنواع الحديث جعلوا للحديث أنواعا كثيرة ووضعوا في ذلك كتبا مستفيضة، وإذا كنا كما قلنا لا نعرض إلى الناحية الفنية من هذا العلم، وإنما نكتب في تاريخ الحديث فحسب، فقد رأينا أن نشير إلى بعض ما يفيد موضوعنا من هذه الأنواع، لأن ذلك مما يعين على معرفة ما أصاب الرواية من تباين واختلاف، وما تأثرت به من تغيير وتبديل، وهذا غير ما بيناه من قبل.
المضطرب:
قال ابن الصلاح: المضطرب من الحديث هو الذي تختلف الرواية فيه، فيرونه بعضهم على وجه، وبعضهم على وجه آخر مخالف له... وقد يقع الاضطراب في متن الحديث، وقد يقع في الإسناد، وقد يقع ذلك من راو واحد، وقد يقع من رواة له جماعة، والاضطراب موجب ضعف الحديث لإشعاره بأنه لم يضبط ا ه.
ومثال الاضطراب في المتن حديث أبي بكر الصديق أنه قال: يا رسول الله أراك شبت! قال شيبتني هود وأخواتها، فهذا مضطرب، فإنه لم يرو إلا من طريق أبي إسحاق السبيعي وقد اختلف عليه فيه، فمنهم من رواه عنه مرسلا، ومنهم