هذا بعض ما روي عن النبي صلوات الله عليه في النهي عن الأخذ عن أهل الكتاب، ولكن ما لبث الأمر أن انقلب بعد أن اغتر بعض المسلمين بمن أسلم من أحبار اليهود خدعة - فظهرت أحاديث رفعوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم تبيح الأخذ وتنسخ ما نهى عنه.
فقد روى أبو هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص وغيرهما أن رسول الله قال:
حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، وأبو هريرة وعبد الله بن عمرو من تلاميذ كعب الأحبار، وقد جاءت الأخبار بأن الثاني - وهو عبد الله بن عمرو بن العاص - أصاب يوم اليرموك - زاملتين من علوم أهل الكتاب فكان يحدث منها. وزاد ابن حجر " فتجنب الأخذ عنه لذلك كثير من أئمة التابعين " (2).
رواية بعض الصحابة عن أحبار اليهود كان من أثر وثوق الصحابة بمسلمة أهل الكتاب واغترارهم بهم أن صدقوهم فيما يقولون، ويروون عنهم ما يفترون - وقد نص رجال الحديث في كتبهم أن العبادلة الثلاثة (3) وأبا هريرة (4) ومعاوية وأنس وغيرهم، قد رووا عن كعب الأحبار وإخوانه - وكان أبو هريرة أكثر الصحابة وثوقا به، وأخذا عنه، وانقيادا له، كما يتبين لك من تاريخه الذي نشرناه في كتاب خاص باسم (شيخ المضيرة فيرجع إليه.
وقد استطاع هذا اليهودي (كعب الأحبار) كما دعته السيدة الجليلة أم كلثوم - بوسائله الشيطانية أن يدس من الخرافات والأوهام والأكاذيب في الدين ما امتلأت به كتب التفسير والحديث والتاريخ فشوهتها وأدخلت الشك إليها، وما زالت تمدنا بأضرارها إلى ما شاء الله وقد حدثناك بشئ منها من قبل لأن استيعابها يحتاج إلى مصنفات مفردة.