إمامه إذ ظهر له الحق في غيره! بل يصر عليه مع علمه بضعفه وبعده. فالأولى ترك البحث مع هؤلاء الذين إذا عجز أحدهم عن تمشية مذهب إمامه، قال: لعل إمامي وقف على دليل لم أقف عليه، ولم أهتد إليه، ولا يعلم المسكين أن هذا مقابل بمثله ويفضل لخصمه ما ذكره من الدليل الواضح والبرهان اللائح، فسبحان الله ما أكثر من أعمى التقليد بصره، حتى حمله على مثل ما ذكرته، وفقنا الله لاتباع الحق أين كان وعلى لسان من ظهر. ا ه كلام العز.
وقد ختم الجزائري رحمه الله هذا البحث (بتنبيه) مهم قال فيه تعليقا على نقدهم لحديث (تحاج الجنة والنار) من أن النار لا تمتلئ حتى ينشئ الله لها خلقا آخر:
" ومن الغريب في ذلك محاولة بعض الأغمار ممن ليس له إلمام بهذا الفن لا من جهة الرواية ولا من جهة الدراية، لنسبة الغلط إليه كأنه ظن أن النقد قد سد بابه على كل أحد - أو ظن أن النقد من جهة المتن لا يسوغ لأنه يخشى أن يدخل منه أرباب الأهواء - ولم يدر أن النقد إذا جرى على المنهج المعروف لم يستنكر وقد وقع ذلك لكثير من أئمة الحديث مثل الإسماعيلي فإنه بعد أن أورد حديث (يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة) وعلى وجه آزر قترة - الحديث - قال وهذا خبر في صحته نظر من جهة أن إبراهيم عالم بأن الله لا يخلف الميعاد فقد يجعل ما بأبيه خزيا له، مع إخباره أن الله قد وعده بأن لا يخزيه يوم يبعثون، وعلمه بأنه لا خلف لوعده فانظر كيف أعل المتن بما ذكره.
وقد قال بعض علماء الأصول إن في الأحاديث ما لا تجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لأنه لا يمكن حملها على ظاهرها لكونه على خلاف البرهان، وغير ظاهرها بعيد عن فصاحته صلى الله عليه وسلم (1) وملخصا.