وطرق الأسانيد، ويكثر ذلك، فتقل روايته لضعف في الطرق.. والإمام أبو حنيفة إنما قلت روايته لما شدد في شروط الرواية والتحمل وضعف رواية الحديث اليقيني إذا عارضها الفعل النفسي (1) فقل حديثه.. لا أنه ترك رواية الحديث متعمدا، فحاشاه من ذلك.. وأما غيره فتوسعوا في الشروط وكثر حديثهم والكل على اجتهاد.
وقال (2): إن الصحابة كلهم لم يكونوا أهل فتيا، ولا كان الدين يؤخذ عن جميعهم، وإنما كان ذلك مختصا بالحاملين للقرآن، العارفين بناسخة ومنسوخه، ومتشابهه ومحكمه وسائر دلالته، بما تلقوه من النبي أو ممن سمعه منهم ومن عليتهم وكانوا يسمون لذلك القراء، أي الذين يقرءون الكتاب لأن العرب كانوا أمة أمية.
أعظم ما رزئ به الإسلام:
قال الأستاذ الإمام محمد عبده:
لم يرزأ الإسلام بأعظم مما ابتدعه المنتسبون إليه، وما أحدثه الغلاة من المفتريات عليه، فذلك مما جلب الفساد على عقول المسلمين، وأساء ظنون غيرهم فيما بنى عليه الدين. وقد فشت للكذب فاشية على الدين المحمدي في قرونه الأولى حتى عرف ذلك في عهد الصحابة رضي الله عنهم، بل عهد الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم في حياته.. إلا أن عموم البلوى بالأكاذيب حق على الناس بلاؤه في دولة الأمويين فكثر الناقلون وقل الصادقون وامتنع كثير من أجلة الصحابة عن الحديث إلا لمن يثقون بحفظه خوفا من التحريف فيما يؤخذ عنهم.. وروى الإمام مسلم في مقدمة صحيحه قال: ما رأيت أهل الخير في شئ أكذب منهم في الحديث (3) ثم اتسع شر الافتراء، وتفاقم خطب الاختلاق وامتد بامتدادات