ويدعو إليه، ويحبه ويكرهه، ويشرعه للأمة كأنه مخالط له (صلى الله عليه وسلم).
فمثل هذا يعرف من أحواله وهديه وكلامه وأفعاله وأقواله، وما يجوز أن يخبر به، وما لا يجوز، ما لا يعرفه غيره - وهذا شأن كل متبوع مع تابعه فإن للأخص به الحريص على تتبع أقواله وأفعاله من العلم بها، والتمييز بين ما يصح أن ينسب إليه وما لا يصح، ليس كمن لا يكون كذلك... إلخ.
وقال ابن دقيق العيد: " كثيرا ما يحكمون بالوضع باعتبار أمور ترجع إلى المروي وألفاظ الحديث، وحاصله يرجع إلى أنه حصلت لهم، لكثرة محاولة ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم، هيئة نفسانية، وملكة قوية عرفوا بها ما يجوز أن يكون من ألفاظ النبوة وما لا يجوز ".
للقلب السليم إشراف على معرفة الموضوع وفي فصل لأبي الحسن علي بن عروة الحنبلي:
" القلب إذا كان نقيا نظيفا زاكيا كان له تمييز بين الحق والباطل، والصدق والكذب، والهدى والضلال، ولا سيما إذا كان قد حصل له إضاءة وذوق من النور النبوي، فإنه حينئذ تظهر له خبايا الأمور ودسائس الأشياء والصحيح من السقيم، ولو ركب على متن ألفاظ موضوعة على الرسول إسناد صحيح أو على متن صحيح إسناد ضعيف، لميز ذلك وعرفه وذاق طعمه، وميز بين غثه وسمينه، وصحيحه وسقيمه، فإن ألفاظ الرسول لا تخفى على عاقل ذاقها، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله (1) " رواه الترمذي من حديث أبي سعيد.
وقال جماعة من السلف في قوله تعالى: " إن في ذلك لآيات للمتوسمين " - أي للمتفرسين.
وقال معاذ بن جبل: " إن للحق منارا كمنار الطريق ".
هذا وإن القلب الصافي له شعور بالزيغ والانحراف في الأفعال والأعمال فإذا