عمر أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، فأرسل إلى كل أفق بمصحف، مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق.
قال الحافظ ابن حجر - وكان ذلك في أواخر سنة 24 وأوائل سنة 25 ه.
الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان:
قال ابن التين وغيره: الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان، أن جمع أبي بكر كان لخشية أن يذهب من القرآن شئ بذهاب حملته، لأنه لم يكن مجموعا في موضع واحد، فجمعه في صحائف مرتبا لآيات سوره على ما وقفهم عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وجمع عثمان كان لما كثر الاختلاف في وجوه القراءة، حتى قرأوا بلغاتهم من اتساع اللغات، فأدى ذلك إلى تخطئة بعضهم بعضا، فخشي من تفاقم الأمر في ذلك فنسخ تلك الصحف في مصحف واحد مرتبا لسوره واقتصر من سائر اللغات على لغة قريش، محتجا بأنه نزل بلغتهم، وإن كان قد وسع في قراءته بلغة غيرهم، رفعا للحرج والمشقة في إبداء الأمر، فرأى أن الحاجة في ذلك قد انتهت فاقتصر على لغة واحدة عدد المصاحف التي أرسلها عثمان إلى الآفاق:
اختلف في عدة المصاحف التي أمر عثمان بكتابتها، والمشهور أنها كانت خمسة، أرسل أربعة منها إلى الآفاق وأمسك عنده واحدا منها.
هذه لمعة ضئيلة مما جمعناه في هذا البحث رأينا إيرادها هنا، ولعل الله يهيئ لنا نشر البحث الطويل الذي أعددناه لكتاب برأسه في هذا الموضوع الجليل لينتفع به المسلمون خاصة، والمعنيون بالمباحث الإسلامية عامة.