والنووي لمسلم إستشكالات كثيرة وألف عليها مستخرجات متعددة، فإذا كان البخاري ومسلم - وهما الصحيحان - كما يسمونهما - يجملان كل هذه العلل والانتقادات وقيل فيهما كل هذا الكلام - دع ما وراء ذلك من تسرب بعض الإسرائيليات وخطأ النقل بالمعنى وغير ذلك في روايتها إلى بعض كتب الأحاديث ولا نقول المسانيد!
لأنها في نفسها لا ثقة بها، ولا اعتماد عليها، لأن ما فيها كغثاء السيل. وقد قال فيها الأئمة إنه لا يحتج بها، ولا يركن إلى ما فيها كما تراه قريبا.
اللهم إنا نسألك أن تهيئ لهذا الدين القويم، من يحفظ أصوله ويصون قواعده، فلا يغشاها ما ليس منها، ولا يتسور عليها ذو دخلة سيئة لها.
مسند أحمد قد يقول القارئ ما بالنا لم نجد لمسند أحمد ذكرا بين كتب الحديث التي جرى الكلام عنها وهو أوسعها رواية، وأكثرها جمعا، حتى قيل إنه يحوي أربعين ألف حديث!! ومؤلفه إمام كبير وله مذهب من المذاهب المتبعة تدين به طوائف كثيرة من المسلمين؟ وإنا نقول إننا لم نعرض لهذا الكتاب ولا إلى غيره من كتب المسانيد بالتفصيل - وهي كثيرة إلا لأن العلماء قد تكلموا فيها وقضوا بأنه لا يسوغ الاحتجاج بها، ولا التعويل عليها، على أنا قد رأينا أن نتكلم عن مسند أحمد الذي هو أشهرها لنبين للمسلمين حقيقته، ونكشف عن درجته، خاصة بين كتب الحديث ليقاس عليها درجة سائر المسانيد. ويغنينا ذلك عن الكلام في غيره.
وسنوطئ لذلك بصدر من القول في بيان رتبة كتب المسانيد عامة بين كتب الحديث، وحكم ما حملته من الروايات ثم نتحدث عن مسند أحمد.