هل كل من وثقه جمهور المتقدمين يكون ثقة:
كان أحد الشيوخ الأزهريين قد أخذ على العلامة السيد رشيد رضا أنه انتقد كعب الأحبار ووهب بن منبه! وأظهر عدم الثقة بروايتهما، فأجاب رحمه الله برد طويل ممتع مفحم، ننقل منه ما يلي: " إذا سلمنا أن كل من وثقه جمهور المتقدمين فهو ثقة - وإن ظهر خلاف ذلك بالدليل - نفتح بابا للطعن في أنفسنا بنبذ الدليل والأخذ في مقدماته بالتقليد، ومخالفة هداية القرآن المجيد ".
وبعد أن بين أن نقد رواة الحديث قد بحث فيه رجال الجرح والتعديل قال:
أما تمحيص متون الروايات وموافقتها أو مخالفتها للحق والواقع وللأصول أو الفروع الدينية القطعية أو الراجحة وغيرها فليس من صناعتهم، (أي رجال الحديث) ويقل الباحثون فيه منهم، ومن تعرض له منهم - كالإمام أحمد والبخاري لم - يوفه حقه، كما تراه فيما يورده الحافظ ابن حجر في التعارض بين الروايات الصحيحة له ولغيره، ومنه ما كان يتعذر عليهم العلم بموافقته أو مخالفته للواقع كظاهر، حديث أبي ذر عند الشيخين وغيرهما (1): أين تكون الشمس بعد غروبها؟ فقد كان المتبادر منه للمتقدمين أن الشمس تغيب عن الأرض كلها وينقطع نورها عنها مدة الليل! إذ تكون تحت العرش تنتظر الأذن لها بالطلوع ثانية!! وقد صار من المعلوم القطعي لمئات الملايين من البشر أن الشمس لا تغيب عن الأرض في أثناء الليل، وإنما تغيب عن بعض الأقطار وتطلع على غيرها، فنهارنا ليل عند غيرنا، وليلنا نهار عندهم، كما هو المتبادر من قوله تعالى (يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل)، وفي قوله: (يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا)، فنحن - بعد