ونذكر من كل نوع منها مثالا أو أمثلة يستدل بها على غيرها إن شاء الله (1).
قال البطليوسي: اعلم أن الحديث المأثور عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعن أصحابه والتابعين لهم، تعرض له " ثماني علل " - أولاها: فساد الإسناد، (الثانية) من جهة نقل الحديث على معناه دون لفظه، (والثالثة) من جهة الجهل بالإعراب، (والرابعة) من جهة التصحيف، (والخامسة) من جهة إسقاط شئ في الحديث لا يتم المعنى إلا به، (والسادسة) أن ينقل المحدث الحديث ويغفل نقل السبب الموجب له، أو بسط الأمر الذي جر ذكره، (السابعة) أن يسمع المحدث بعض الحديث ويفوته سماع بعضه، (الثامنة) نقل الحديث من الصحف دون المشايخ (2).
العلة الأولى وهي فساد الإسناد، وهذه العلة أشهر العلل عند الناس حتى إن كثيرا منهم يتوهم (3) أنه إذا صح الإسناد صح الحديث! وليس كذلك فإنه قد يتفق أن يكون رواة الحديث مشهورين بالعدالة، معروفين بصحة الدين والأمانة، غير مطعون عليهم، ولا مستراب بنقلهم، ويعرض مع ذلك لأحاديثهم أعراض على وجوه شتى من غير قصد منهم إلى ذلك - والإسناد يعرض له الفساد من أوجه: (منها) الإرسال وعدم الاتصال، (ومنها) أن يكون بعض رواته صاحب بدعة، أو متهما بكذب وقلة ثقة، أو مشهورا ببله وغفلة، أو يكون متعصبا لبعض الصحابة منحرفا عن بعضهم، فإن كان مشهورا بالتعصب ثم روى حديثا في تفضيل من يتعصب له، ولم يرد من غير طريقه، لزم أن يستراب به، وذلك أن إفراط عصبية الإنسان لمن يتعصب له وشدة محبته يحمله على افتعال الحديث، وإن لم يفتعله بدله وغير بعض حروفه... ومما يبعث على الاسترابة