للحق والتاريخ هذه هي قصة كتابي مع العلماء المحققين وغير المحققين أسجلها هنا للحق والتأريخ في عبارة وجيزة لتبقى على وجه الدهر شاهدة صادقة يقرؤها الناس جيلا بعد جيل على مد العصور لكي يعرفوا كيف كان بعض شيوخ الدين - في عصرنا هذا، عصر النور والعرفان، عصر الذرة - يقابلون كتب العلم التي تكتب بتحقيق في البحث واجتهاد في الفهم، وحرية في الفكر!!
وإني هنا أرى أنه لا مناص لي من أن أذكر أمرا لاحظته واضحا في نقد المنتقدين، وذلك أن حملاتهم قد اشتدت فيما يتصل بأبي هريرة خاصة وفي عدالة الصحابة عامة، حتى بلغوا في ذلك حالة غير معقولة - ومن أجل ذلك رأيت وفاء بحق التأريخ ورعاية لحرمة العلم أن أعود فأراجع كتابي كله لكي أعزز أبوابه، وأدعم فصوله، بما كنت قد أمسكت عن نشره في الطبعة الأولى - وبما أعثر عليه البحث بعد صدور هذه الطبعة - من المصادر الوثيقة والأسانيد المعتبرة لدى الجمهور إن في هذين الموضوعين وإن في غيرهما من سائر مواضيع الكتاب إلى ما يدعو إليه إعادة النظر في كل ما يكتب لأول مرة من تهذيب وتنقيح واستيفاء وزيادة وتوضيح حتى أصبح الكتاب كاملا. فأما أبو هريرة فلأن له وضعا خاصا به لا يشاركه فيه سواه من سائر الصحابة وليس له مثيل منهم، لا في سيرته، ولا في تاريخه، ولا في كثرة أحاديثه، فقد كسرت له كتابا خاصا باسم " شيخ المضيرة " وطبعناه على حدة مرتين (1).
وأما الصحابة فقد رأينا أن نعزز ما كتبناه في الطبعة الأولى بنقل بعض ما جاء عنهم من أصدق كتاب يرجع إليه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها ذلكم هو القرآن الكريم، فمن استطاع أن يمتري في آية من آياته، أو يجادل في كلمة من كلماته فليفعل، ويكون بذلك شهما شجاعا.
ولعل بعضهم يقول: إن الآيات التي جاءت في وصف الصحابة قد نسخت!