إلا بشاهدين. وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه لا يقبل الحديث عن رسول الله والرواية تزداد كثرة ويخرج منها ما لا يعرف ولا يعرفه أهل الفقه، ولا يوافق الكتاب ولا السنة فإياك وشاذ الحديث، وعليك بما عليه الجماعة من الحديث وما يعرفه الفقهاء، وما يوافق الكتاب والسنة (1) فقس الأشياء على ذلك فما خالف القرآن فليس عن رسول الله وإن جاءت به الرواية. وحدثنا الثقة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في مرضه الذي مات فيه: إني لأحرم وفي رواية: لا أحرم إلا ما حرم القرآن والله لا يمسكون علي بشئ (2) فاجعل القرآن والسنة المعروفة لك إماما وقائدا، واتبع ذلك، وقس عليه ما يرد عليك مما لم يوضح لك في القرآن والسنة ا ه.
وقال الإمام علم الدين الفلاني المالكي في كتابه إيقاظ الهمم (3) ترى بعض الناس إذا وجدوا حديثا يوافق مذهبه فرح به وانقاد له وسلم، وإن وجد حديثا صحيحا سالما من النسخ والمعارض مؤيدا لمذهب غير إمامه فتح له باب الاحتمالات البعيدة، وضرب عنه الصفح والعارض، ويلتمس لمذهب إمامه أوجها من الترجيح مع مخالفته للصحابة والتابعين والنص الصريح.. وإن عجز عن ذلك كله أدعى النسخ (4) بلا دليل، أو الخصوصية أو عدم العمل به أو غير ذلك مما يحضر ذهنه العليل، وإن عجز عن ذلك كله ادعى أن إمامه اطلع على كل مروى أو جله فما ترك هذا الحديث الشريف إلا وقد اطلع على طعن فيه برأيه المنيف فيتخذ علماء مذهبه أربابا، ويفتح لمناقبهم وكراماتهم أبوابا، ويعتقد أن كل من خالف ذلك لم يوافق صوابا، وإن نصحه أحد من علماء السنة اتخذه عدوا ولو كانوا قبل ذلك أحبابا!
رأي مالك وأصحابه:
ورأي الإمام مالك وأصحابه أنهم يقولون: تثبت السنة من وجهين: أحدهما أن نجد الأئمة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا بما يوافقها.