فيه حجة على أن أصحابنا يؤولون ما انفرد به البخاري من ذكر شعبان فقالوا نحمله علي ما إذا غم هلال رمضان وهلال شوال فإنا نحتاج إلي إكمال شعبان ثلاثين احتياطا للصوم فإنا وإن كنا قد صمنا يوم الثلاثين من شعبان فلسنا نقطع بأنه من رمضان ولكنا صمناه حكما قال ويدل على ما قلناه شيئان أحدهما عود الضمير على أقرب مذكور وهو قوله وأفطروا لرؤيته الثاني أن مسلما رواه مفسرا إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فان غم عليكم فصوموا ثلاثين يوما انتهى كلامه قال صاحب التنقيح وما ذكره الإسماعيلي من أن آدم بن أبي إياس يجوز أن يكون رواه على التفسير من عنده للخبر فغير قادح في صحة الحديث لان النبي عليه السلام إما أن يكون قال اللفظين وهو ظاهر اللفظ وإما أن يكون قال أحدهما وذكر الراوي اللفظ الآخر بالمعنى فإن اللام في قوله فأكملوا العدة للعهد أي عدة الشهر والنبي عليه السلام لم يخص بالاكمال شهرا دون شهر إذا غم فلا فرق بين شعبان وغيره إذ لو كان شعبان غير مراد من هذا الاكمال لبينه لان ذكر الاكمال عقيب قوله صوموا وأفطروا فشعبان وغيره مراد من وقوله فأكملوا العدة فلا تكون رواية فأكملوا عدة شعبان مخالفة لرواية فأكملوا العدة بل مبينة لها أحدهما أطلق لفظا يقتضى العموم في الشهر والثاني ذكر فرد من الافراد قال ويشهد له حديث أخرجه أبو داود والترمذي عن سماك عن عكرمة عن بن عباس مرفوعا لا تصوموا قبل رمضان صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن حال بينكم وبينه سحاب فكملوا العدة ثلاثين ولا تستقبلوا الشهر استقبالا قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه بن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده حدثنا أبو عوانة عن سماك عن عكرمة عن بن عباس صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن حال بينكم وبينه غمامة أو ضبابة فأكملوا شهر شعبان ثلاثين ولا تستقبلوا رمضان بصوم يوم من شعبان قال وبالجملة فهذا الحديث نص في المسألة وهو صحيح كما قال الترمذي وسماك وثقه أبو حاتم وابن معين وروى له مسلم في صحيحه قال والذي دلت عليه الأحاديث في هذه المسألة وهو مقتضى القواعد أن كل شهر غم
(٥٣٢)