بعد الذبح في الذبيحة كما نص عليه صاحب المعالم والذبيحة في عرفهم يتبادر منها مأكول اللحم ويؤيده إطلاق الآية والروايات والاحتياط أيضا وأما الآية الكريمة فبعد تسليم صحة الاحتجاج بها نقول أما ما يدل عليه من حيث عموم لا أجد فمخصص بما يدل على حرمة الحيوان الشامل لجميع أجزائه وأما دلالة مفهوم المسفوح على أن غير المسفوح ليس بمستثن وداخل في حكم الحل فقد عرفت إن المفهوم على تقدير حجته لا عموم له فغايته إنه غير المسفوح غير مستثنى في الجملة ويكفي لتحقق مصداقه غير المسفوح من مأكول اللحم ومما لا نفس له سائلة وفيه أيضا مثل ما ذكرنا فيما ألحق سابقا وأما النجاسة فلما ذكرنا من إطباق الأصحاب عليه ظاهرا وتأييد إطلاق الآية والروايات والاحتياط وقد تردد بعض الأصحاب في الحكمين من إطلاق الأصحاب الحكم بنجاسة الدم مما له نفس مدعين الاتفاق عليه وهذا بعض أفراده ومن ظاهر قوله تعالى أو دما مسفوحا حيث دل على حل غير المسفوح وهو يقتضي طهارته وقد عرفت الحال في دلالة الآية على الحل وعلى الطهارة بالقياس (وإن كان بحريا كالتمساح) لشمول ما يدل على النجاسة له ظاهرا وإطباق الأصحاب عليه أيضا ظاهرا مع التأييد بالاحتياط أو كان علقه في البيضة أو غيرها قال الشيخ في الخلاف العلقة نجسة واستدل عليه بإجماع الفرقة وبأن ما يدل على نجاسة الدم يدل على نجاسة العلقة لأنها دم وبدليل الاحتياط وقال المحقق في المعتبر العلقة التي يستحيل إليها نطفة الادمي نجسة والشيخ استدل بإجماع الفرقة لنا أنها دم حيوان له نفس فيكون نجسة وكذا العلقة التي يوجد في بيضة الدجاج وشبهه انتهى وذكر الادمي كأنه من باب التمثيل وإلا فالظاهر أنه لا اختصاص للحكم بعلقة الادمي ودليله أيضا يعطي عدم الاختصاص وقال المصنف في الذكرى بعد نقل ما ذكره المحقق وفي الدليل منع وكونها في الحيوان لا يدل على أنها منه و استوجهه صاحب المعالم وقال وهو متجه لا سيما بالنظر إلى ما يوجد في البيضة مع أن كونه علقة ليس بمعلوم أيضا فالاجماع الذي ادعاه الشيخ لو ثبت على وجه يكون حجة لكان في تناوله له نظر ومقتضى الأصل طهارته ويعضده ظاهر قوله تعالى أو دما مسفوحا حيث إنه دال على حل غير المسفوح مطلقا خرج عن ذلك ما وقع الاتفاق على تحريمه فيبقى الباقي وإثبات الحل مقتض لثبوت الطهارة كما مر غير مرة انتهى وقال في حاشية الكتاب قال بعض الأصحاب ما يوجد في البيضة أحيانا من الدم لا يعلم كونه من ذلك الحيوان والعلم بكونه علقة له أشد بعدا والامر كما قال انتهى أقول لا يخفى إن منع كون العلقة دما للحيوان بعد تسليم كونها دما وإن كان في البيضة وكذا علقة له بعد تسليم كونها علقة لا يخلو عن غرابة لان دم الحيوان ليس إلا ما يتكون فيه سواء كان في عروقه أو غيره والامر في العلقة أغرب إذ بعد كون ما في البيضة علقة فعلقة أي شئ هو مع أن الشيخ ادعى الاجماع على نجاسة العلقة ولم يقيد بعلقة الحيوان نعم منع كونها علقة متجه ولعله يمكن حمل كلام بعض الأصحاب أيضا على منع كونه علقة لا منع كونه علقة ذلك الحيوان وكذا ما ذكره صاحب المعالم من أن ما ذكره المصنف متجه لا سيما بالنظر إلى ما يوجد في البيضة يحمل على أن ما في البيضة لا يعلم أنه دم ذلك الحيوان لا أنه لا يعلم إنه علقة ذلك الحيوان وأيضا منع كونه دم ذلك الحيوان مما لا وجه له إذ الروايات الدالة على نجاسة الدم معلقة لحكم النجاسة على الدم لا دم الحيوان فيكفي في إثبات الحكم صدق الدم عليها ولا يهمهم صدق دم الحيوان عليها حتى يمنع ولو قيل إن شمول الدم لمثل هذا الدم محل نظر لعدم تعارفه فهو كلام آخر ولا حاجة فيه إلى منع كونه دم حيوان إلا أن يقال لعل هذا المنع باعتبار أنه جعلوا الحجة في نجاسة الدم مطلقا الاجماع لا الروايات لأنها لا عموم لها والاجماع إنما وقع على نجاسة دم الحيوان ذي النفس فحينئذ ينفع منع كونها من ذلك الحيوان وأنت خبير بأن الأولى حينئذ أيضا منع شمول الاجماع لمثل هذا الدم بناء على حمله على الافراد المتعارفة كالروايات بعينها وهذا ليس منها لا منع كونه من ذلك الحيوان لبعده جدا ثم الظاهر في غير العلقة التي في البيضة النجاسة بناء على دعوى الاجماع من الشيخ مع تأيده بالروايات الدالة على نجاسة الدم مطلقا وبالاحتياط وأما ما في البيضة فالحكم بنجاسته مشكل من حيث عدم العلم بكونه علقة حتى يحتج عليها بدعوى الاجماع من الشيخ مع أن شمول الاجماع له أيضا محل نظر فما بقي إلا صدق الدم عليه لو سلم و الدم قد عرفت أن إثبات عموم نجاسته بحيث يشمل مثل هذا الفرد لا يخلو عن إشكال سواء تمسك بالاجماع أو بالروايات والأصل الطهارة لكن لا شك إن الاحتياط في التجنب عنه وعدم الملاقاة له (أما الدم المتخلف في اللحم بعد الذبح والقذف فظاهر وكذا دم البراغيث وقيل عفو) قد مر الكلام فيهما بما لا مزيد عليه (والميتة من ذي النفس حل أو حرم) لا خلاف عندنا في نجاسة ميتة ذي النفس مطلقا آدميا أو غيره حلالا أو حراما قال العلامة (ره) في المنتهى الميتة من الحيوان ذي النفس السائلة نجسة سواء كان آدميا أو غير آدمي وهو مذهب علمائنا أجمع وقال المحقق في المعتبر الميتات مما له نفس سائلة نجسة وهو إجماع الناس والخلاف في الادمي وعلماؤنا مطبقون على نجاسة عينية كغيره من ذوات الأنفس السائلة قال صاحب المعالم وقد تكرر في كلام الأصحاب ادعاء الاجماع على هذا الحكم وهو الحجة فيه إذ النصوص لا ينهض باثباته ثم ذكر إن جملة ما وقف عليه من الروايات في هذا الباب روايتان أحديهما حسنة الحلبي والأخرى رواية إبراهيم بن ميمون وسنوردهما إنشاء الله تعالى في طي الروايات ثم قال وقصور هذين الحديثين عن إفادة الحكم بكماله ظاهر مع أن الصحة منفية عن سنديهما وورد في عدة روايات معتبرة الاسناد المنع من أكل نحو السمن الذايب والزيت إذا مات فيه الفارة وظاهره الحكم بنجاسته وقد تقدم منها في بحث المضاف حديث صحيح عن زرارة وهذا الحكم خاص أيضا كما لا يخفى فلا يمكن جعله دليلا على العموم وحينئذ فالعمدة في إثبات التعميم هو الاجماع المدعى في كلام الجماعة انتهى ولا يخفى إن الامر ليس كما ذكره بل يوجد في الروايات في هذا الباب غير ما ذكره كثيرا
(٣٠٩)