خبير بأنه إذا تمسك بمفهوم إنما الشك إذا إلخ اندفع ذلك الايراد وأما الروايتان الاخريان فالأولى منهما حكمهما حكم الجزء الأول من رواية عبد الله وأما الثانية فيرد عليها أن أفعال الوضوء قد خرجت عنها بالمخصص كما عرفت فلا يبقى دلالتها على المراد لا يقال ينبغي أن يحكم بخروج القدر الذي يتقن خروجه وبقاء الباقي تحت العام كما هو المعمول لان بعد ورود مخصص مجمل لا يبقى الظن بشمول العام لجميع ما يحتمله فلم يكن حجة فيه لان مدار الحجية على الظن إلا أن يقال أنها بعمومها شاملة للوضوء بجميعه لدخوله تحت كلما وهو لم يخرج بالصحيحة المتقدمة لأنها مخصوصة بافعاله ويصدق على الوضوء حينئذ أنه مما شك فيه وقد مضى فيجب إمضاؤه كما هو فثبت المطلوب وبالجملة الأولى غاية القيام من الوضوء أو ما هو في حكمه كما هو ظاهر المتن واعلم أنه قد يستشكل فيما إذا كان الشك في الرجل اليسرى لعدم تحقق الاكمال حينئذ والظاهر أنه ليس بذاك إذ لا يخلو أما أن يعتبر القيام عن المحل أو ما هو في حكمه أو لا بل يعتبر مجرد الفراغ فإن كان الأول فلا إشكال أصلا وهو ظاهر وإن كان الثاني فالظاهر أن الفراغ إنما يتحقق بأن لا يجد نفسه مشغولا بأفعال الوضوء فعند ذلك لو طرء الشك لم يعتد به ولن كان الأحوط التدارك ما لم يحصل القيام أو ما هو في حكمه (ولو تيقن أتى به مطلقا أي سواء كان قبل القيام أو بعده والمراد الاتيان به وبما بعده كما فيما سبق أما الاتيان به فبإجماع فقهاء الاسلام كما في المعتبر ويدل عليه أيضا مضافا إلى الاجماع صحيحة زرارة المتقدمة آنفا وحسنة الحلبي المتقدمة في بحث استيناف الماء الجديد للمسح والروايات المتقدمة في بحث وجوب الترتيب ويدل على خصوص المسح أيضا بعض الروايات المتقدمة في بحث الاستيناف والترتيب إلى غير ذلك وأما ما رواه التهذيب في زيادات باب صفة الوضوء عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول كلما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكرا فامضه ولا إعادة عليك فيه فغير صحيح السند لا يصلح لمعارضة ما ذكر مع أنه يمكن أن يكون المراد من التذكر الشك ويكون من البيان فيرجع إلى الشك بعد الفراغ ويوافق حكمه حكم ما عداه من الروايات وأما الاتيان بما بعده فالظاهر أنه إجماع منا أيضا كما في التذكرة ويدل عليه مضافا إلى الاجماع الروايات المتقدمة في بحث الترتيب ويدل أيضا على خصوص المسح بعض الروايات المتقدمة في بحث الاستيناف ثم أن المصنف (ره) في الذكرى نقل عن ابن الجنيد أنه قال لو بقي موضع لم يبتل فإن كان دون الدرهم بلها وصلى ولن كانت أوسع أعاد على العضو وما بعده وإن جف ما قبله استأنف واستدل عليه بحديث أبي أمامة عن النبي (صلى الله عليه وآله) وزرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) وابن منصور عن زيد بن علي ولا يخفى أن هذا القول مخالف للاجماع المنقول عن التذكرة آنفا إلا أن لا يستند العلامة بخلافه لمعلومية نسبته ولتحقق الاجماع قبله أو بعده ثم ما ذكره من الروايات لم يثبت عندنا نعم روى الفقيه مرسلا في باب من ترك الوضوء قال وسئل أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) عن الرجل يبقى من وجهه إذا توضأ موضع لم يصبه الماء فقال يجزيه أن يبله من بعض جسده وهذا بظاهره يدل على عدم وجوب الاتيان بما بعد المنسي كما ذهب إليه لكن خال أيضا عن التقييد بدون الدرهم كما ذكره والرواية مع ضعفها بالارسال لم يعمل الأصحاب بمضمونها فلا يصلح للتعويل وأما ما رواه التهذيب في باب صفة الوضوء في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال سئلته عن رجل توضأ ونسي غسل يساره فقال يغسل يساره وحده ولا يعيد وضوء شئ غيرها فمحمول على عدم إعادة غيرها مما تقدم لا ما تأخر أيضا وكذا الحال في عجز حسنة الحلبي المتقدمة في بحث الترتيب واعلم إن مراده (ره) من الاتيان به إنما هو عند عدم الجفاف وإلا فيجب الاستيناف كما ذكر في سابقه وإنما تركه إحاله عليه والكلام فيه أيضا إنما يستنبط من الكلام في سابقه وأما ما رواه التهذيب في باب صفة الوضوء في الموثق عن سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من نسي مسح رأسه وقدميه أو شيئا من الوضوء الذي ذكره الله في القرآن كان عليه إعادة الوضوء والصلاة فمحمول على الجفاف بقرينة إعادة الصلاة إذ مع الاتيان بالصلاة لا يبقى البلة غالبا وكذا ما رواه الكافي عن حكم بن حكيم المتقدمة في بحث الموالاة (ولو شك في الحدث أو الطهارة بنى على المتيقن) هذان الحكمان اجماعيان منا وفي الروايات أيضا ما يدل عليهما أما على الأول فما رواه التهذيب في باب صفة الوضوء في الموثق عن أبي عبد الله بن بكير عن أبيه قال قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) إذا استيقنت أنك قد توضأت فإياك أن تحدث وضوء أبدا حتى تستيقن إنك قد أحدثت وما رواه أيضا في باب الاحداث في الصحيح عن زرارة في أثناء حديث قال قلت فإن حرك إلى جنبيه شئ ولم يعلم به قال لا حتى يستيقن أنه قد نام حتى يجئ من ذلك أمر بين وإلا فإنه على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين أبدا بالشك ولكن ينقضه بيقين آخر وقد تقدم الخبر بتمامه في بحث النوم ويمكن أن يؤيده أيضا برواية ابن أبي يعفور والروايتين المنقولتين عن صلاة التهذيب وصحيحة محمد بن مسلم المذكورات آنفا واستدل عليه أيضا بأنه لو وجب الوضوء مع الشك المتجدد لزم الحرج إذ الأغلب في الناس تطرق الشك إليهم عدم الضبط في الأمور السالفة والحرج منفي بالآية وأما على الثاني فإطلاق الرواية الثانية وقد ورد بعض الروايات الأخر أيضا بهذا المضمون والمحقق (ره) في المعتبر ادعى الاجماع على الحكم الثاني ثم قال ويؤكده ما روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) وقد سئل عن الرجل يخيل إليه في الصلاة أنه يجد الشئ فقال لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ومن طريق الأصحاب ما رواه عبد الله بن أبي يعفور وذكر الرواية المتقدمة ثم استدل بما ذكرنا آنفا من لزوم الحرج وأنت خبير بأن هذه الدلايل إنما تجري في الحكم الأول ولا يناسب الحكم الثاني فكان ذكره في هذا الحكم إنما وقع سهوا والله أعلم والمصنف (ره) في الذكرى استدل على الحكم الثاني برواية عبد الله بن بكير المتقدمة نظرا إلى أن مفهوم إذا استيقنت يدل على اعتبار اليقين في الوضوء وفيه نظر لان مفهومه لا يدل إلا على أن لا تحذير عن إحداث الوضوء بالشك في الحدث
(١٤١)