الأذى سرحا بغير حساب واجعلني لك من الشاكرين فيما تصرفه عني من الأذى والغم الذي لو حبسته لهلكت لك الحمد اعصمني من شر ما في هذه البقعة وأخرجني منها سالما وحل بيني وبين طاعة الشيطان الرجيم ومن هذا يستنبط استحباب التقنع عند الدخول وما رواه الفقيه أيضا في هذا الباب قال ووجدت بخط سعد بن عبد الله حديثا أسنده إلى الصادق (عليه السلام) قال من كثر عليه السهو في الصلاة فليقل إذا دخل الخلاء بسم الله وبالله أعوذ بالله من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم ويدل أيضا على خصوص الخروج ما رواه التهذيب في الباب المذكور في الموثق عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه عن علي (عليه السلام) أنه كان إذا خرج من الخلاء قال الحمد لله الذي رزقني لذته وإبقاء قوته في جسدي وأخرج عني أذاه يا لها من نعمة ثلاثا وهذه الرواية في الزيادات أيضا (وعند الاستنجاء) يدل عليه ما رواه التهذيب في باب صفة الوضوء عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) ذات يوم جالس مع ابن الحنفية إذ قال له يا محمد أيتني بإناء من ماء أتوضأ للصلاة فأتاه محمد بالماء فأكفاه بيده اليسرى على يده اليمنى قال بسم الله والحمد لله الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا قال ثم استنجى فقال اللهم حصن فرجي واعفه واستر عورتي وحرمني على النار وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب النوادر قبل أبواب الحيض وفي الفقيه في باب صفة وضوء أمير المؤمنين (عليه السلام) ويدل أيضا رواية الفقيه عن النبي (صلى الله عليه وآله) المتقدمة آنفا كما هو الظاهر والظاهر أن الاستنجاء شامل للغسل والمسح معا والفراغ يحتمل وجهين الفراغ من الحدث ومن الاستنجاء ويمكن أيضا أن يريدهما معا لكن كلامه (ره) في الذكرى وكذا كلام جمع من الأصحاب ككلام المعتبر والمنتهى والتذكرة ظاهر في المعنى الثاني والمفيد (ره) في المقنعة والشيخ (ره) في المقنعة والشيخ (ره) في المبسوط إنما صرحا بالمعنى الثاني ولم يذكر الاستحباب عند الفراغ من الحدث أصلا وكلام الصدوق (ره) في الفقيه يشعر باستحبابه حيث قال فإذا فرغ الرجل من حاجته فليقل الحمد لله الذي أماط عني الأذى وهناني طعامي وعافاني من البلوى والاستنجاء بثلاثة أحجار ثم بالماء انتهى ثم أن المفيد (ره) في المقنعة قال فإذا فرغ من الاستنجاء فليقم وليمسح بيده اليمنى بطنه وليقل ثم ذكر الدعائين المنقولين للخروج في روايتي معاوية بن عمار وعبد الله بن ميمون المتقدمتين كما هو الظاهر واستدل الشيخ (ره) عليه بالروايتين المذكورتين ولا يخفى أنه على هذا لا يكون الدعاء عند الفراغ من الاستنجاء مستحبا آخر بل هو بعينه الدعاء للخروج فلا معنى لجعله مستحبا على حدة وهذا الايراد إنما يرد على الشيخ (ره) حيث صرح بكونه مستحبا على حدة وأفرده عن الدعاء للخروج كما في المبسوط وأما المفيد (ره) فلم يحضرني الان عبارته في المقنعة تمام حتى يظهر الامر ويمكن أن لا يفرده عن دعاء الخروج فلا إيراد عليه ويمكن الاعتذار عن الشيخ بأن دليله على هذا المطلب كأنه غير ما ذكره ها هنا وإنما أورد هذا الدليل على إثبات مطلب المفيد (ره) وكأنه غير مطلبه واستدل المحقق (ره) في المعتبر عليه بما في رواية معاوية المتقدمة من قوله (عليه السلام) وإذا توضأت انتهى وفيه أنه لا طهور له في أن المراد من التوضي الاستنجاء بل الظاهر أن المراد منه الوضوء المصطلح كما هو المتبادر وإن جعل ذكره مع دخول الخلاء والخروج عنه قرينة على الاستنجاء فليجعل ذكره بعد الخروج قرينة على المعنى المتعارف واستدل عليه العلامة في المنتهى بما في رواية أبي بصير المتقدمة من قوله (عليه السلام) فإذا فرغت فقل انتهى وفيه أنه لا يدل على ما هو مرادهم ظاهرا من استحباب الدعاء عند الفراغ من الاستنجاء لجواز أن يكون المراد من الفراغ الفراغ من الحدث وصاحب المدارك أيضا ذكر هذا الدعاء في هذا الموضع وكأنه بالنظر إلى هذه الرواية وقد عرفت ما فيه والشهيد الثاني (ره) في شرح الارشاد قال عند قول المصنف (ره) وعند الاستنجاء وعند الفراغ منه والظاهر أنه الدعاء المذكور عند مسح بطنه لأنه الأقرب إلى الفراغ من التخلي وهو الحمد لله الذي أماط عني الأذى وهناني طعامي وعافاني من البلوى انتهى ولا يخفى أن هذا الدعاء إنما ذكره الشيخ في (نه) عند مسح البطن بعد الفراغ من الاستنجاء والقيام منه ولم نجده في الكتب الأربعة الا في الفقيه كما نقلنا وليس فيه أنه عند مسح البطن ولا ظهور له أيضا في أن المراد الفراغ من الاستنجاء بل الظاهر خلافه كما مر والدعاء الذي ذكره المفيد (ره) عند مسح البطن بعد الفراغ من الاستنجاء إنما هو دعاء الخروج كما فصلنا وليس دعاء على حدة ويدل أيضا على اتحادهما ما رواه الفقيه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) فإذا خرج مسح بطنه وقال انتهى كما تقدم وقد روى في الكافي أيضا في باب النوادر قبل أبواب الحيض عن أبي أسامة قال كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فسئله رجل من المغيرية من شئ من السنن فقال ما من شئ يحتاج إليه أحد من ولد آدم إلا وقد جرت فيه من الله تعالى ومن رسوله (صلى الله عليه وآله) سنة عرفها من عرفها وأنكرها من أنكرها فقال الرجل فما السنة في دخول الخلاء فقال تذكر الله وتتعوذ بالله من الشيطان الرجيم فإذا فرغت قلت الحمد لله على ما أخرج منى من الأذى في يسر وعافية وهذا أيضا لا ظهور له في الفراغ من الاستنجاء والحاصل أن الاستدلال على استحباب الدعاء بعد الفراغ من الاستنجاء غير دعاء الخروج مشكل لما عرفت من حال الدلايل وكذا على استحباب الدعاء بعد الفراغ من الحدث لان ما يمكن الاستدلال به عليه إنما هو راية أبي بصير وعبارة الفقيه المذكورتين وهما أيضا ليستا بظاهرتين في المراد ظهورا يعتمد عليه لاحتمال الحمل
(٧٩)