مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٩٤
شيئا فشيئا ومثل هذا الباقي لا بد له من سبب إلى آخر وجوده على القولين فلا يمكن أن يكون وبناء كلام من فسر التفسير الأول على عدم الاحتياج إلى السبب بل أما بناؤه على أنه لا يرى إن السبب المستمر مع المسبب انما هو إجمال التفصيل السابق بل شئ آخر أو يقال إن تفسيره هذا لا ينافي بقاء النية نعم لا يستلزمها وفرق بينهما فحينئذ يجوز أن يعتقد بقاء النية مع تفسيره الاستدامة بهذا المعنى لأنه أظهر وأقرب إلى الفهم من المعنى الاخر واعترض الشهيد الثاني (ره) أيضا في شرح الارشاد على المصنف (ره) بأن ذلك البناء إنما يتجه أن لو كانت النية بعد إحضارها يحصل منها أثر خارجي يستغني عن الموجود أو يحتاج إليه وليس كذلك بل عند غروبها عن القلب يلحق بالاعدام المفتقرة إلى المؤثر قطعا مع أن اللازم من الاحتياج إلى المؤثر وجوب إحضار النية بجميع مشخصاتها لا العزم المذكور فإنه غير الموجود الأول وغير مستلزم له وإن دخل ضمنا لكن الدلالة التضمنية ملغاة في هذه الأحكام ونظايرها انتهى وكأنه (ره) لم يحمل كلام المصنف على ما حملناه عليه وإلا فلا وجه لهذا الايراد أصلا والمعنى الذي حمله عليه بعيد جدا ويرد أيضا على إيراده الأخير إن استلزم الاحتياج إلى المؤثر وجوب إحضار النية بجميع مشخصاتها ممنوع وإنما يستلزم ذلك لو ثبت إن العلة المبقية يجب أن يكون بعينها هي العلة الموجدة وهي في محل المنع هذا (ولو نوى رفع حدث بعينه واستباحة صلاة بعينها فلا حرج) لا يذهب عليك أنه على ما اخترناه من عدم اشتراط قصد رفع الحدث أو الاستباحة الامر في هذه المسألة ونظائرها واضح وأما على رأي القائلين بالاشتراط فالمشهور بينهم ما ذكره المصنف وعللوا الأول بأن الاحداث تتداخل عند اجتماع أسبابها فلا يرتفع أحدها إلا بارتفاع الجميع وقد نوى رفع أحدها فوجب أن يحصل له بدلالة إنما لامرئ ما نوى فيحصل رفع الجميع وفيه إن تداخل الاحداث عند اجتماع أسبابها ممنوع لم لا يجوز أن يحصل من كل منها حدث على حدة لا بد لنفيه من دليل وعلى تقدير التداخل أيضا لا نسلم قولهم قد نوى رفع أحدها فوجب أن يحصل له لما علمت مرارا من عدم دلالة الرواية على أن جميع ما ينوي يحصل للمرء واحتمل العلامة (ره) في النهاية البطلان بناء على أن ما لم ينوي معه يبقى والاحداث لا يجري فإذا بقي البعض بقي الكل واحتمل أيضا رفع ما نواه خاصة بناء على أنها أسباب متعددة لمسببات متعددة قال فإن توضأ ثانيا لرفع آخر صح وهكذا إلى آخر الاحداث ولا يخفى ما فيه فتأمل وعللوا الثاني بأنه قد نوى أمرا ممكنا فوجب أن يحصل له بدلالة الرواية ولا يخفى إن حكمهم في هذه الصورة موجه لا من حيث الاستدلال بالرواية كما نقلنا لما عرفت من عدم تماميته بل من حيث إن وجود قصد الاستباحة لو فرض فهمه من الآية على ما زعموا لم يفهم منها إلا وجوب قصد الاستباحة مطلقا ولا شك أن في هذه الصورة يتحقق ذلك المعنى فيجب أن يحصل الامتثال ويخرج عن العهدة ويصح وضوءه بخلاف الصورة الأولى فإن جواز قصد الرفع والاكتفاء به عن قصد الاستباحة لا دليل عليه سوى ان رفع الحدث مستلزم للاستباحة فنيته مستلزمه لنيتها أو أنه عند نيته لما وجب حصوله بدلالة الرواية فيحصل لزمه كما مر سابقا وهذان الوجهان على تقدير تمامهما إنما يتمان فيما يثبت الاستلزام وما نحن فيه ليس كذلك للاحتمال الذي ذكرنا واعلم إن في الصورة الأخيرة يحصل استباحة الصلاة المنوية وغيرها لما علمت من صحة الوضوء وعند صحته يستباح به جميع الصلوات وهو ظاهر (ولو نفى غيرهما بطل) عدم البطلان في هذه الصورة على ما اخترناه ظاهرا إذا لم يصل تلاعبه بهذا القصد إلى تلاعبه بقصد القربة والامتثال أيضا وأما على رأيهم فقد اختلف فيه فذهب العلامة وفي القواعد إلى الصحة والمصنف في هذا الكتاب و (ى) إلى البطلان وجه الصحة انه قد نوى رفع حدث فيجب أن يحصل له بدلالة الرواية وهو إنما يحصل برفع جميع الاحداث كما مر فيرتفع جميع الاحداث ويصح الوضوء ويكون ضميمته النفي لغوا وكذا الحال في استباحة الصلاة وأنت بما قدمنا خبير بما فيه ووجه البطلان أنه قد نوى المتنافيين لان رفع حدث يستلزم رفع جميع الاحداث وبقاء غيره يستلزم بقاء ذلك الحدث أيضا فلو حصل له جميع ما نواه لزم حصول المتنافيين وهو محال وحصول أحدهما ترجيح من غير مرجح وفيه نظر لأن الظاهر أن الرواية انما تدل على أن للمرء ما ينوي من العمل إذا كان ذلك العمل مما يصلح لان ينوي منه ذلك الشئ لا ما لا يصلح له كأن ينوي من الوضوء امتثال الصلاة مثلا وحينئذ يختار أنه يحصل له أحدهما وهو رفع الحدث ولا نسلم أنه ترجيح من غير مرجح لان الوضوء لا يصلح لا بقاء الحدث حتى ينوي منه ويحصل بخلاف رفعه فإن قلت الرواية دلت على أن ما لم ينو لم يحصل فحينئذ نعرف أنه لم ينو رفع غير ذلك الحدث فيجب أن لا يحصل له وإذا لم يحصل له ذلك لم يحصل له رفع ذلك الحدث أيضا فلزم اجتماع المتنافيين قلت أما أولا فيمكن أن يقال لا نسلم انه لم ينو رفع غير ذلك الحدث بل إنما نواه استلزاما ودلالة الرواية على أن ما لم ينو صريحا لم يحصل ممنوع وأما ثانيا فنقول أنه على هذا يلزم عليكم الحكم بالبطلان في صورة عدم نفي الغير أيضا لجريان هذا الوجه فيه بعينه مع أنكم حكمتم بصحته هذا وبما ذكرنا ظهر أن الصحة أشبه بقواعدهم (ولو نوى استباحة ما يكمل بالطهارة كالتلاوة أجزء) اختلف كلام الأصحاب فيه فالشيخ في المبسوط قطع بأنه إذا نوى استباحة شئ ليس من شرطه الطهارة لكن يستحب له كقرائة القرآن ودخول المسجد مثلا لم يرتفع حدثه وبه قال ابن إدريس أيضا في السرائر واستحسن المحقق في المعتبر الحكم بالاجزاء كما هو في هذا الكتاب والعلامة (ره) في القواعد والتذكرة والمنتهى ذهب إلى أنه لو نوى ما ليس من شرطه الطهارة بل فضيلة أجزء وارتفع الحدث ولم يعلم أن مراده (ره) منه الاجزاء لو نوى استباحة ونواه بدون
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336