يعرضه الموت فالامر فيه ظاهر إذ لا شئ يدل على نجاسته أصلا من الأمور التي في هذا الباب من أخبار الدالة على نجاسة الميتة والأخبار الدالة على نجاسة القطعة والاجماع والوجهين المذكورين مع أن الأصل الطهارة والبراءة وأما إذا عرضه الموت فإن كان من الاجزاء الصغيرة سيما إذا كان مما لا يغير فالظاهر طهارته وإن لم يكن كذلك ففيه مع الاشكال السابق وأما الثالث فهو أيضا إن كان من الاجزاء الصغيرة فينبغي الحكم بطهارته مطلقا إذا لم يكن إجماع على خلافه في صورة وإلا فيتبع وإن كان من الاجزاء الكبيرة فالظاهر بالنظر إلى ما ذكرنا النجاسة كما علمت ولما كان في كلام القوم التعرض لهذا القسم ظاهرا فلا بأس أن نذكر هاهنا ما ذكروه قال العلامة في المنتهى الأقرب طهارة ما ينفصل من بدن الانسان من الاجزاء الصغيرة مثل البثور والثالول وغيرهما لعدم إمكان التحرز عنها فكان عفوا دفعا للمشقة وتعرض له صاحب المعالم بكلام طويل الذيل ولما كان في نقله بطوله من الفوايد فلا بأس أن ننقله بعبارته قال ويظهر من تمسكه بعدم إمكان التحرز عنها أنه يرى تناول دليل نجاسة المبان من الحي لها وإن المقتضي لاستثنائها من الحكم بالتنجيس والقول بطهارتها هو لزوم الحرج والمشقة من التكليف بالتحرز عنها وهذا عجيب فإن الدليل على نجاسة المبان من الحي كما علمت أما الاجماع بالاخبار التي ذكرناها والاعتبار إن اللذان حكيناهما من بعض الأصحاب أعني مساواة الجزء للكل ووجود معنى الموت فيه والاجماع لو كان متناولا لما نحن فيه لم يعقل الاستثناء منه والاخبار على تقدير صحتها ودلالتها وعمومها إنما يقتضي نجاسة ما انفصل في حال وجود الحياة فيه لا ما زالت عنه الحياة قبل الانفصال كما في موضع البحث والنظر إلى دينك الاعتبارين يقتضي ثبوت التنجيس وإن لم ينفصل تلك الأجزاء لتحقق معنى الموت فيها قبله ولا ريب في بطلانه والتحقيق إنه ليس لما يعتمد عليه من أدلة نجاسة الميتة وأبعاضها وما في معناها من الاجزاء المبانة من الحي دلالة على نجاسة نحو هذه من الاجزاء التي يزول عنها أثر الحياة في حال اتصالها بالبدن فهي على أصل الطهارة وإذا كان للتمسك بالأصل مجال فلا حاجة إلى تكلف دعوى لزوم الحرج وتحمل عب ء في إثباته في جميع الأحوال ليتم الحكم بالطهارة مطلقا وقد ذكر العلامة في النهاية أيضا حكم هذه الاجزاء واستقرب الطهارة كما قال في المنتهى وعللها بعدم إمكان التحرز وبالرواية ولم يبينها ولعله أراد بها صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال سئلته عن الرجل يكون به الثالول أو الجرح هل يصلح له أن يقطع الثالول وهو في صلاته أو ينتف بعض لحمه من ذلك الحرج ويطرحه قال إن لم يتخوف أن يسيل الدم فلا بأس وإن تخوف أن يسيل الدم فلا يفعله وهذه الرواية ظاهرة في الطهارة عاضدة لما يقتضيه الأصل من حيث إطلاق نفي البأس عن مس هذه الاجزاء في حال الصلاة فإنه يدل على عدم الفرق بين كون المس عن رطوبة ويبوسة إذ المقام مقام تفصيل كما يدل عليه اشتراط نفي البأس بانتفاء تخوف سيلان الدم فلو كان مس تلك الأجزاء مقتضيا للتنجيس ولو على بعض الوجوه لم يحسن الاطلاق بل كان اللايق البيان كما وقع في خوف السيلان هذا أن اشترطا في تعدي النجاسة من القطع المبانة من الحي الرطوبة وأما على القول بالتعدي مطلقا فدلالة الرواية على انتفاء التنجيس فيما نحن فيه واضحة جلية ولبيان المختار من القولين محل آخر يأتي إنشاء الله تعالى وبالجملة فانضمام هذه الرواية إلى الأصل يذهب عن القول بالطهارة هنا دون الشك انتهى وكلامه جيد حسن لكن في بعض مواضعه مناقشات منها ما في قوله ويظهر من تمسكه إلى آخره وهو إن التمسك بالحرج لا يستلزم أنه يرى التناول المذكور إذ على تقدير عدمه أيضا يصح التمسك المذكور غاية الأمر أن يكون الاستدلال بالأصل أيضا حينئذ متيسرا إذ ذلك لا يقدح في التمسك بغيره وهو ظاهر ومنها ما في قوله والاجماع لو كان متناولا إلى آخره وهو إنه يجوز أن يكون الاجماع الذي نقل إنما نقل على عبارة يكون ظاهرها التناول لما نحن فيه مثلا نقل أنهم أجمعوا على نجاسة كل ميتة أو نجاسة ما يبان من الحي وظاهرا إن هذا يتناول ما نحن فيه لكن ظاهر إلا قطعا فلا مانع من أن يستثني ويخرج منه شئ بدليل من خارج كالحرج ونحوه نعم لو كان التناول قطعيا لما صح الاستثناء فان قلت إذا كان الاجماع متناولا ظاهرا فكيف يصح الاخراج منه بدليل الحرج ولم لا يخصص الحرج به بل هو الظاهر لان ذلك الاجماع خاص بالنسبة إليه فينبغي تخصيص العام به قلت أولا هذا كلام آخر غير أنه لا يعقل الاستثناء من الاجماع إذ ظاهره أنه لا يعقل الاستثناء منه مطلقا وثانيا أنه ليس بين هذا الاجماع ودليل الحرج عموم وخصوص مطلقا حتى يحمل العام على الخاص بل بينهم عموم من وجه فينبغي النظر في الترجيح ولعل الراجح دليل الحرج بالنظر إلى معاضدة الأصل له ومنها ما في قوله كما في موضع البحث إذ ليس بمعلوم اختصاص البحث به لم لا يجوز أن يكون شاملا لما زالت عنه الحياة قبل الانفصال وغيره والتمثيل بالبثور والثالول لو سلم أنهما كذلك لا يفيد ذلك كما لا يخفى بل يؤيد التعميم استدلاله بالصحيحة المذكورة على النحو الذي يبينه لان بعض اللحم المذكور فيه بإطلاقه يتناول الميت منه والحي والمقام مقام التفصيل على ما ذكره فلو لم يكن الحكم عاما لفضل ومنها ما في قوله ولا ريب في بطلانه إذ عدم الريب غير ظاهر ومنها ما في قوله وإذا كان للتمسك بالأصل مجال إلى آخره لما عرفت من أن إمكان التمسك بالأصل لا يقدح في التمسك بغيره بل لعله الأولى لان التمسك بالأصل أمر ظاهر لا حاجة إلى التعرض له فينبغي إذا أمكن التمسك بأمر آخر أن يتمسك به تكثيرا للطريق وتقوية للأصل ومنها ما في قوله وهذه الرواية ظاهرة في الطهارة إلى آخره إذ الظهور ممنوع لأنه يجوز أن يكون السؤال لأجل أن مثل هذا الفعل هل يخل بالصلاة أم لا وليس المنظور فيه نجاسة الثالول واللحم وطهارته وحينئذ لا نسلم أن المقام مقام تفصيل المس وأنه برطوبة أو يبوسة إذ لعله كان حكم الطهارة والنجاسة في الثالول واللحم المذكور وكذا حكم ملاقاة النجاسة بالرطوبة واليبوسة معلوما
(٣١٤)