مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٩١
أحد الامرين يرفع وجوب نية الاستباحة بل مراده أن الدليل على تقدير تمامه إنما يدل على وجوب خصوص هذا الامر وأما بدلية الامر الاخر فلا دليل عليه ويمكن أن يجاب بأن العلامة (ره) قد استدل قبل هذا على الاكتفاء برفع الحدث بقوله (عليه السلام) إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى وقال فإذا رفع الحدث مع باقي الصفات من الوجوب أو الندب أجزاه لأنه قد حصله ما نواه وهو رفع الحدث عملا بالحديث فزال المانع من الدخول في الصلاة انتهى وهذا دليل على البداية ولك أن تقول بعد ثبوت وجوب قصد الاستباحة بالآية كما زعموا لو اكتفى في بدلية قصد الرفع له بهذا الدليل لزم أن يقال ببدليته أيضا لقصد الوجوب والندب والقربة أيضا بهذا الدليل بعينه والجواب الجواب إلا أن يجاب بالاجماع على عدم البدلية لهما ولا إجماع هاهنا وأنت خبير بما في دليليه المذكورين من الضعف إما الأول فظاهر وأما الثاني فلانه لا يدل على أن كل ما ينوي المرء يدركه وهو ظاهر وأما في الثاني فلانه قد ثبت وجوب الوضوء بقصد أنه للصلاة على زعمكم ولا نسلم أن استلزام رفع الحدث لاستباحة الصلاة في الواقع انما يستلزم أن يقصد على الوضوء بقصد رفع الحدث أنه يقصد الاستباحة إذا لم يكن حين قصد الرفع الاستباحة ولزومها للردع منظورين بل على تقدير كونهما منظورين أيضا لا نسلم صدق قصد الاستباحة إلا أن يكتفي بالقصد بالعرض ثم أنهم اكتفوا في قصد الاستباحة المعتبر في الوضوء والواجب باستباحة أي مشروط بالطهارة كان صلاة أو غيرها واجبا أو مندوبا وهو الظاهر من كلام المصنف أيضا حيث أطلق الاستباحة بل قد حكى عن فخر المحققين الاكتفاء بقصد استباحة مشروط بالطهارة وإن كان ممتنعا كان ينوي استباحة الطواف وهو بالعراق وكان دليلهم عليه أيضا ما نقلناه عن العلامة من الدليل على الاكتفاء برفع الحدث وقد عرفت ما فيه والحاصل أن كلامهم في هذا المقام غير منقح جدا وأما حجة المرتضى فقد ظهرت أيضا مع جوابها وأما حجة من اشترطهما معا فلم نقف عليها سوى ما ذكره المصنف في الذكرى من أن الرفع يوجد بدون الاستباحة في غسل الحايض إن قلنا برفعه الحدث الأكبر والاستباحة بدون الرفع في المتيمم والطهارة الضرورية فإذا لم يتلازما لم يكف أحدهما وأيضا لا بد من رفع الحدث لأنه مانع من الدخول ومن الاستباحة لأنه الوجه الذي لأجله يرفع الحدث فما لم ينوه لا يكون متمثلا للوجه الذي أمر به لأجله وضعف الوجهين ظاهر مما ذكرنا وحكى المصنف (ره) في شرح الارشاد أنهم احتجوا بالجمع بين أدلة الأقوال ونية كل من الرفع والاستباحة بالمطابقة لان اللزوم غير بين والاتحاد غير حاصل ولا يذهب عليك أن الظاهر أن وجوب الرفع فقط لا دليل عليه ولا قول به حتى يحتج بالجميع بين أدلة الأقوال فتدبر وعليك الاحتياط في جميع هذه الأمور المختلف فيها والاخذ بمجامع الأقوال مهما أمكن والله الموفق (والمبطون والسلس والمستحاضة ينوون الاستباحة أو رفع ما مضى) قال في الذكرى ذو الحدث الدائم كالمبطون و السلس والمستحاضة ينوي الاستباحة فلو ضم إليها رفع الحدث لغى إلا أن يقصد رفع ما مضى فحسن ولو اقتصر عليه فإن نوى رفع ما مضى صح لأنه في معنى الاستباحة وإن نوى رفعه مع ما هو حاصل أو سيحصل فقد نوى ما بعضه ممتنع فيمكن الصحة لتضمن النية رفع مانع الصلاة والبطلان لعدم إمكان ما نواه فكيف يحصل له انتهى وفيه أنه أما أن أريد برفع ما مضى رفع الحدث الكاين في الزمان الماضي نفسه أو رفع أثره الذي هو المنع من الصلاة فإن كان الأول فمع أنه يلغوا حينئذ ذلك القصد لان الحدث الكائن في الزمان الماضي مرتفع في هذا الزمان سواء قصد رفعه أم لا يرد عليه أنه كيف يكون هذا القصد في معنى قصد الاستباحة لان المانع من الصلاة موجود الان وهو الحدث الحاضر بل أثر الحدث السابق أيضا فبمجرد ارتفاع الحدث السابق كيف يستباح الصلاة وإن كان الثاني فيرد عليه أيضا الايراد السابق إذ بمجرد ارتفاع أثر الحدث السابق لا يستباح الصلاة بل لا بد من ارتفاع أثر الحدث اللاحق أيضا و القول بأنه مغتفر لا دليل عليه إلا أن يكون المنع كافيا في المقام وأيضا كما يصح رفع ما مضى بهذا المعنى كذلك يضح رفع الحاصل أيضا بهذا المعنى فلم يحكم بصحة الأول وامتناع الثاني هذا وبما ذكرنا ظهر أن دايم الحدث يجب عليه أن ينوي الاستباحة فقط بناء على وجوب قصد الرفع أو الاستباحة وأما على ما اخترناه فالامر واضح هذا على تقدير أن يكون رفع الحدث غير الاستباحة كما ذكرنا سابقا (ولا يشترط قصد الطاعة لله خلافا لابن زهرة) ذهب ابن زهرة إلى وجوب خمسة أمور في النية قصد الوجه والاستباحة والرفع والطاعة والقربة واستدل على الثلاثة الأول ببعض ما ذكرنا سابقا وقال في الأخيرين وتعلقها بالطاعة لله تعالى لان بذلك الفعل عبادة والقربة ومرادنا بها طلب المنزلة الرفيعة عنده بنيل ثوابه لأنه الغرض المطلوب بطاعته انتهى وأنت خبير بما ذكرنا سابقا بكفاية أحد الامرين الذين أراد هما من الطاعة والقربة بل غيرهما أيضا مما فصل في بحث القربة (والمقارنة لابتداء غسل الوجه) إذ هو مبدء الافعال فلو أخر عنه لوقع بعض الأفعال الواجبة بلا نية فيكون باطلا وببطلان الجزء يبطل الكل وكذا لو قدم ولم يبق إلى الشروع إذ حينئذ يقع جميع الأفعال بلا نية واعلم إن ها هنا إشكالا سنذكره إنشاء الله تعالى في بحث استدامة حكم النية (ويجوز تقديمها عند غسل اليدين مستحبا وعند المضمضة والاستنشاق) المشهور بين الأصحاب جواز تقديم النية عند غسل اليدين استحبابا للوضوء وأولى منه عند المضمضة والاستنشاق لقربهما من الواجب ووجهه أنها من جملة أفعاله فجاز إيقاع النية
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336