على صلاته لا يقطعها وها هنا روايات كثيرة أخرى صحيحة وغير صحيحة تقدم بعضها في بحث الماء القليل وبعضها في بحث البئر ووقوع الدم فيها وسنورد بعضها إنشاء الله في بحث العفو عن مقادر الدرهم من الدم وبعضها إنشاء الله تعالى في بحث الصلاة في الثوب النجس وما يتعلق به وبالجملة المطلب واضح لا حاجة له إلى ذلك التطويل لكن تعرضنا لذكر هذه الروايات لما التزمنا من إيراد كل ما يوجد من الروايات أو أكثرها في أي بحث كان ثم لا يخفى أن الروايات التي أوردناها كان أكثرها في باب الرعاف ومع ذلك الظاهر أن نجاسة دم الرعاف مما لا خلاف فيه أيضا فما رواه التهذيب في باب الاحداث الموجبة للطهارة والاستبصار في باب الرعاف من كتاب الطهارة عن جابر عن أبي جعفر قال سمعته يقول لو رعفت دورقا ما زدت على أن أمسح مني الدم وأصلي لا يعمل عليه مع معارضته للاجماع وتلك الروايات المتكثرة على أنه ضعيف السند و يحتمل أيضا حمل المسح على الغسل يجوز أو الحمل على التقية أيضا ممكن لكن فيه إن ظاهر الخبر إن مراد عليه السلام أني ما أزيد على مسح الدم وأصلي من دون أن أتوضأ على ما يراه العامة وحينئذ الحمل على التقية مما لا يتصور إلا أن يقال بعد ما سلم إن الحصر بالنسبة إلى الوضوء لا غسل العضو أنه يجوز أن لا يتقي بالنسبة إلى القائلين بالوضوء وإن اتقى بالنسبة إلى القائلين بجواز مسح العضو من دون حاجة إلى غسله بناء على تحقق مغايرة بين القايلين وكذا ما رواه أيضا في الباب المذكور من الزيادات في الحسن عن الحسن بن علي بن الوشاء قال سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول كان أبو عبد الله (عليه السلام) يقول في الرجل يدخل يده في أنفه فيصيب خمس أصابعه الدم قال ينقيه ولا يعيد الوضوء يجري فيه جميع ما ذكرناه في سابقه بعينه سوى تبديل ضعف السند بعدم صحته بعد أن سلم إن الانتقاء ظاهره أن يكون بغير غسل وإلا فلا معارضة أصلا حتى يحتاج إلى الجواب وما رواه بعيد الرواية السابقة عن عبد الأعلى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته عن الحجامة أفيها وضوء قال لا ولا يغسل مكانها لان الحجام مؤتمن إذا كان ينظفه ولم يكن صبيا صغيرا لدال على طهارة دم الحجامة مع أن الظاهر أن نجاسة أيضا إجماعية فالوجه فيه أيضا أن نحمله على التقية أو يقال المراد إنه لا حاجة إلى غسله إذا كان الحجام نظفه بالغسل مع أنه ضعيف السند فأما ما رواه في الزيادات باب كيفية الصلاة عن أبي حمزة قال قال أبو جعفر (عليه السلام) إن أدخلت يدك في أنفك وأنت تصلي فوجدت دما سائلا ليس برعاف ففته بيدك فلعله وقع فيه تحريف من النساخ وكأنه كان غير سايل فأبدل سايلا لان الدم السائل الذي في الانف ليس برعاف لا معنى له وإن فرض توجيهه بأنه يجوز أن يكون دم سايل من جرح أو قرح في الانف ومثل هذا لا يسمى رعافا كيف يستقيم قوله (عليه السلام) ففته بيدك لان الفت يستعمل في الشئ اليابس ولو تنزلنا عن جميع ذلك فطريق جمعه مع الاجماع قد علمت والطرح أيضا غير بعيد لضعف السند وما رواه في باب تطهير الثياب والكافي في باب الثوب يصيبه الدم عن الحلبي قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن دم البراغيث يكون في الثوب هل يمنعه ذلك من الصلاة فقال لا وإن كثر ولا بأس أيضا بشبهه من الرعاف ينضحه ولا يغسله ففيه أيضا القدح في السند والحمل على التقية فأما ما رواه في الزيادات في باب الاحداث عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته عن الدمل يكون بالرجل فينفجر وهو في الصلاة قال يمسحه ويمسح يده بالحايط أو بالأرض ولا يقطع الصلاة حيث فيه أيضا مخالفة الاجماع ظاهرا باعتبار عدم الامر بغسل اليد فالوجه فيه أولا بحمله على أنه يجوز أن لا يكون دم فيصل إلى اليد بل إنما وصل إليها القيح والصديد ومع فرض وصول الدم فحمله على التقية أو ضيق الوقت أو نطرحه هذا وأما المقام الثاني فقد ادعى العلامة في المنتهى الاجماع عليه أي على أن دم ما لا نفس له سائلة ليس بنجس قال دم ما لا نفس له سائلة كالبق والبراغيث والذباب ونحوه طاهر وهو مذهب علمائنا وقال في التذكرة أما ما لا نفس سائلة كالبق والبراغيث والسمك فإنه طاهر سواء تفاحش أو لا ذهب إليه علماؤنا وظاهر كلام المحقق في المعتبر الذي نقلنا صدر المسألة أيضا الاجماع عليه وصرح به في موضع آخر حيث قال دم السمك طاهر لا يجب إزالته عن الثوب والبدن تفاحش أو لم يتفاحش وهو مذهب علمائنا أجمع وكذا كل دم ليس لحيوانه نفس سائلة كالبق والبراغيث وادعى الشيخ أيضا في الخلاف الاجماع عليه قال مسألة دم ما ليس له نفس سائلة طاهر ولا ينجس بالموت وكذلك دم السمك ودم البق والبراغيث والقمل وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي نجس دليلنا إجماع الفرقة وقال العلامة في المختلف قسم الشيخ النجاسة في المبسوط والجمل إلى دم وغير دم ثم قال والدم على ثلاثة أقسام أحدها يجب إزالة قليله وكثيره وهي دم الحيض والاستحاضة والنفاس والثاني لا يجب إزالة قليله ولا كثيره وهي خمسة أصناف دم البق والبراغيث والسمك والجروح اللازمة والقروح الدامية وظاهر هذا التقسيم يعطي حكمه بنجاسة دم السمك والبراغيث وقال سلار النجاسات على ثلاثة أضرب أحدها يجب إزالة كثيره وقليله ومنها ما يجب إزالة كثيره دون قليله ومنها ما لا يجب إزالة قليله ولا كثيره وهو دم السمك والبراغيث والقروح إذا شق إزالته ولم يقف سيلانه وهذا التقسيم في الحكم بالتنجيس أقوى من الأول وقال ابن الجنيد الدماء كلها ينجس الثوب بحلولها فيه وأغلظها نجاسة دم الحيض فأما ما يظهر من السمك بعد موته فليس ذلك عندي دما وكذلك دم البراغيث وهو إلى أن يكون نجوا لها أولى من أن يكون دما وقال السيد المرتضى دم السمك طاهر وكذلك ما لا دم له سائل نحو البراغيث والبق وهو المعتمد انتهى ووجه قوة دلالة كلام السلار على نجاسة مثل دم البق ونحوه أنه قسم النجاسة إليه فأما الشيخ فلم يقسم النجاسة إليه بل قسم النجاسة إلى دم وغيره وقسم الدم إليه وإلى غيره فيجوز أن يكون الدم أعم من النجاسة من وجه لان ما يكون قسما في الظاهر قد يكون أعم من المقسم من وجه كما في تقسيم الحيوان إلى الأبيض وغير الأبيض ثم الظاهر على ما ذكره صاحب المعالم إن الشيخ ليس غرضه نجاسة هذه الأشياء لأنه قال في الخلاف بعد ما نقل عنه من دعوى الاجماع مثل ما في المبسوط والجمل وظاهره أنه لم يقصد منه النجاسة بعد ما ادعى قبله بسطر الاجماع على الطهارة وبالجملة لا يبقى مخالف ظاهر في
(٣٠٤)