مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ١١٨
الفراغ من الوضوء عن قدر بلة يحصل معه جريان يسير وعلى هذا فإن نزل كلام المصنف (ره) وكذا كلام غيره من الأصحاب الذي يؤدي مؤداه على ما ذكرنا فنعم الوفاق وإلا فالظاهر خلافه وقد صرح المصنف في الذكرى بما ذكرنا حيث قال من مسألة تعذر المسح بالبلل لافراط الحر وإنه يبقى حينئذ جزءا من اليسرى أو كلها ثم يغمس في الماء أو يكثر الصب ويمسح به ولا يقدح قصد إكثار الماء لأجل المسح لأنه من بلل الوضوء وكذا لو مسح بماء جار على العضو وإن أفرط الجريان لصدق الامتثال ولأن الغسل غير مقصود انتهى ولا يخفى ضعف تعليله الأخير (ولا المسح بآلة غير اليد) لظهور الروايات في المسح باليد والظاهر الاجزاء بأي جزء كان من اليد والحديثان المنقولان سابقا في بحث المسح على الحائل المتضمنان لذكر الإصبع كأنهما بناء على المعتاد قال المصنف في الذكرى والظاهر أن باطن اليد أولى نعم لو اختص البلل بالظاهر وعسر نقله أجزء ولو تعذر المسح بالكف فالأقرب جوازه بالذراع انتهى و هذا التفصيل وإن كان إثباته بالدليل مشكلا لكن الاحتياط في رعايته وقال العلامة في النهاية ولو مسح بخرقة مبلولة بماء الوضوء بأن كانت الأصابع مشدودة فالأقرب عدم الاجزاء لان ماء الوضوء هو المتصل بالأصابع لا ما على الحاوي أما لو كان المسح على الخرقة في اليد لضرورة الجرح وشبهه فمسح به فالأقرب الجواز لو كانت اليد الأخرى كذلك ولو كانت سليمة فإشكال انتهى وحاله أيضا كحال ما في الذكرى فتأمل (ويكره مسح جميع الرأس وحرمه ابن حمزة وفي الخلاف بدعة اجماعا) لاخفاء في عدم استحبابه لعدم توظيفه شرعا وأما كراهته فعلله المصنف (ره) في الذكرى بأنه تكليف ما لا يحتاج إليه وفيه ضعف وعلل ابن حمزة الحرمة بمخالفة الشرع وهو أيضا ضعيف والبدعة التي ادعى الاجماع عليها في الخلاف لم يظهر المراد منها والحاصل أن اثبات قدر زايد على عدم الاستحباب مشكل قال المصنف (ره) في الذكرى وقال ابن الجنيد لو مسح من مقدم رأسه إلى مؤخره أجزأه إذا كان غير معتقد فرضه ولو اعتقد فرضه لم يجزء إلا أن يعود إلى مسحه ويضعف باشتماله على الواجب فلا يؤثر الاعتقاد في الزايد وأبو الصلاح أبطل الوضوء لو تدين بالزيادة في الغسل أو المسح وهو كالأول في الرد نعم يأثم باعتقاده انتهى وسيجئ إنشاء الله تعالى في بحث الغسلة الثالثة ما ينفع في هذا الموضع (والزايد عن إصبع من الثلاث مستحب) قال في الذكرى لو مسح بثلاث أصابع فالأقرب إن الزائد موصوف بالاستحباب لجواز تركه ويمكن الوجوب لأنه أحد جزئيات الكلي هذا إذا أوقعه دفعة ولو أوقعه تدريجا فالزايد مستحب قطعا انتهى والظاهر فيما إذا أوقعه دفعة خلاف ما قربه المصنف لان الامتثال إنما يتحقق بهذا المجموع فيكون من إفراد الواجب وجواز تركه مع الاتيان بفرد آخر لا يقدح في كونه من أفراد الواجب المخير ويمكن بناء الكلام على أن حال المسح بثلاث أصابع دفعة هل إجزاء ذلك الفعل موجودة مع الكل بوجود واحد أو بوجودات متعددة فعلى الأول يكون ذلك الفعل مما يحصل به الامتثال فيكون واجبا لكن هذا الاحتمال خلاف الظاهر لأن الظاهر أن هذه الاجزاء من قبيل الأجزاء الخارجية فلا يكون موجوده مع الكل بوجود واحد وعلى الثاني يكون وجود الاجزاء مقدما على الكل فيحصل الامتثال بالاجزاء فلا يكون الكل واجبا لعدم حصول الامتثال به بل قبله إلا أن لا يعتد بالتقدم الذي أتى في العرف ويقال إن الامتثال يحصل بالمجموع أيضا وما ذكره من استحباب الزايد إذا أوقعه تدريجا منظور فيه بل الظاهر عدم الاستحباب للزوم التكرار في المسح ولا نسلم خروجه من تحت التكرار بالامر الوارد بالمسح بثلاث أصابع لان ظاهره المسح رفعة نعم ما ذكره من استحباب الزايد إنما يصح في غير هذا الموضع مثل التسبيحات الثلاث في الركوع والسجود هذا إذا حكمنا بأن الاتيان بالمأمور به يكفي في الامتثال وإن لم يكن بقصد أنه امتثال لذلك الامر وأما إذا اعتبر هذا القيد فحينئذ لو قرء إحدى ثلاث تسبيحات بقصد المجموع امتثال للامر بالذكر لا ما كل واحد يكون المجموع واجبا لعدم حصول الامتثال قبله (ثم بشرة الرجلين) وجوب مسح الرجلين دون غسلهما مما انعقد عليه إجماعنا وخالف فيه العامة فقال أبو الحسن البصري وابن جرير الطبرسي وأبو علي الجبائي بالتخيير بين المسح والغسل وقال الفقهاء الأربعة وباقي الجمهور بوجوب الغسل دون المسح وقال داود بوجوبهما معا ويدل على وجوب المسح مضافا إلى الاجماع الكتاب والسنة أما الكتاب فقوله تعالى وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وجه الاستدلال إن الأرجل أما مجرورة كما في بعض القراءات ومنصوبة كما في البعض الآخر وعلى الأول الظاهر عطفه على الرؤس فيكون في حكمها من و ح جوب المسح عليها وجعله معطوفا على الأيدي والقول بأن الجر من باب المجاورة ضعيف لوقوع الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه وأيضا اعراب المجاورة شاذ وإنما يقتصر على السماع وأيضا فيما لا لبس فيه مثل حجر ضبت حزب وهاهنا اللبس حاصل وعلى الثاني أيضا الظاهر أنه كذلك للقرب ويكون النصب حينئذ لكونه معطوفا على محل الرؤس والعطف على المحل شايع فإن قلت أولوية العطف على اللفظ يعارض القرب قلت لنا مرجح آخر من حصول التطابق بين القرائتين حينئذ وأما السنة فكثيرة كاد أن يبلغ حد التواتر فمنها الروايات المتضمنة لوصف الوضوء كما تقدم وصحيحة زرارة المتقدمة الدالة على التبعيض في المسح ورواية محمد بن مروان المتقدمة الدالة على عدم قبول الصلاة لترك المسح ومنها أيضا ما رواه التهذيب في باب صفة الوضوء في الصحيح عن زرارة قال قال لي لو أنك توضأت فجعلت مسح الرجلين غسلا ثم أضمرت إن ذلك من المفروض لم يكن ذلك بوضوء ثم قال ابدء بالمسح على الرجلين فإن بدء لك غسل فغسلته فامسح بعده ليكون آخر ذلك المفروض وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب مسح الرأس ومنها ما رواه أيضا في الباب المذكور عن غالب بن هذيل قال سئلت أبا جعفر (عليه السلام) عن المسح على الرجلين فقال هو الذي نزل به جبريل (عليه السلام) إلى غير ذلك من الاخبار وبعض الروايات الواردة على خلافها محمول على التقية لما عرفت من مذهب الجمهور مثل ما رواه في الباب المذكور عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الرجل يتوضأ الوضوء كله إلا رجليه ثم يخوض بهما الماء خوضا قال أجزئه ذلك وما رواه أيضا في الباب المذكور في الصحيح عن أيوب بن نوح قال كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) أسئله عن المسح على القدمين فقال الوضوء بالمسح ولا
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336