وأبي بصير قالوا قلنا له في أعلى الوادي والوادي يجري فيه البول من تحتها وكان بينهما قدر ثلاثة أذرع أو أربعة أذرع لم ينجس ذلك شئ وإن كانت البئر إلى يتوضأ منها يجري البول قريبا منها أينجسها فقال إذا كانت البئر في أسفل الوادي ويمر الماء عليها وكان بين البئر وبينه تسعة أذرع لم ينجسها وما كان أقل من ذلك لم يتوضأ منه قال زرارة فقلت له فإن كان يجري بلزقها وكان لا يلبث على الأرض فقال ما لم يكن له قرار فليس به بأس وإن استقر منه قليل فإنه لا ينقب الأرض ولا يقو له حتى يبلغ البئر وليس على البئر منه بأس فتوضأ منه إنما ذلك إذا استنقع كله وفي الكافي بعد لم ينجس ذلك شئ وإن كان أقل من ذلك ينجسها قلت أما على ما اخترناه من عدم نجاسة البئر بالملاقاة فهذا الخبر إما أن يورد نقضا على هذا الحكم أو على أن البئر لا ينجس بالبالوعة بمجرد المقاربة فإن أورد على الأول فنقول قد دلت الروايات المتقدمة على عدم النجاسة بالملاقاة فيجب أن يأول هذا الخبر يحمل النجاسة على الاستقذار والنهي عن التوضي على الكراهة جمعا بين الاخبار وتعين التأويل في هذا الخبر لتأييد معارضاته بالكثرة والأصل وصحة السند في بعضها مع أن ظاهر هذا الخبر نجاستها بالمقاربة واحتمال الاتصال وهو غير معمول به اتفاقا فتقييده بالعلم بالاتصال ليس بأولى من حمله على ما ذكرنا وإن أورد على الثاني فنقول إنما يعارضه الأخبار المذكورة المتضمنة لعدم العبرة بالشك ورواية محمد بن القاسم فيجب أن يأول بما ذكر لما ذكرنا آنفا بعينه مع أنه لم يعمل بظاهره أحد وأما على المشهور فيحمل أيضا على ما ذكر للجمع بينها وبين الروايات الدالة على عدم العبرة بالشك ورواية محمد بن قاسم مع تأييدها بالأصل واتفاق القوم ويمكن أن يحمل أيضا على ما إذا حصل العلم بالملاقاة بالقراين أو الظن عند من يعتبره وقد رد الرواية أيضا بالاضمار وليس بشئ إذ ظاهرا إن هؤلاء الفضلاء لا يروون إلا عن الإمام (عليه السلام) فرع قال المحقق في المعتبر إذا تغير ماء البئر تغيرا يصلح أن يكون من البالوعة ففي نجاسته تردد لاحتمال أن يكون لا منها وإن بعد والأحوط التنجيس لان سبب النجاسة قد وجد فلا يحال على غيره لكن هذا ظاهر لا قاطع والطهارة في الأصل متيقنة فلا يزال بالظن انتهى وجزم العلامة (ره) في المنتهى ببقائه على الطهارة وقواه المصنف في الذكرى قال وهذا من باب عدم النجاسة بالظن وهو كما قال وسيجئ القول فيه إن شاء الله تعالى وجعل (ره) رواية أبي بصير المنقولة آنفا عن الفقيه مؤمية إلى عدم النجاسة حينئذ ولا يخفى ما فيه (ويستحب تباعدهما خمسة أذرع مع فوقية البئر أو صلابة الأرض وإلا فسبع وفي رواية إن كان الكنيف فوقها فاثنتا عشرة ذراعا) استحباب التباعد بينهما بالخمسة مع وجود أحد الامرين وبالسبعة مع عدمهما هو المشهور بين الأصحاب ومستندهم ما رواه الكتب الثلاثة في الأبواب المتقدمة عن الحسن بن رباط عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته عن البالوعة يكون فوق البئر قال إذا كان أسفل من البئر فخمسة أذرع وإن كانت فوق البئر فسبعة أذرع من كل ناحية وذلك كثير وما رووه أيضا عن قدامة بن أبي زيد الحمار عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته كم أدنى ما يكون بين بئر الماء والبالوعة فقال إن كان سهلا فسبعة أذرع وإن كان جبلا فخمسة أذرع ثم قال يجري الماء إلى القبلة إلى يمين القبلة ويجري عن يمين القبلة إلى يسار القبلة ويجري عن يسار القبلة إلى يمين القبلة ولا يجري من القبلة إلى دبر القبلة وجه الاستدلال بهما إن في كل منهما إطلاقا وتقييدا فيجمع بينهما بحمل المطلق على المقيد فيتحصل ما هو المقصد كما لا يخفى وفيه إن طريق الجمع لا ينحصر فيما ينحصر فيما ذكر إذ كما يقيد الحكم بالسبعة في الموضعين يمكن أن يقيد الحكم بالخمسة فيهما مع أن فيه استظهارا لكن الأولى متابعة المشهور مع التأييد بالأصل وفسر قوله (عليه السلام) من كل ناحية بأنه لا يكفي البعد بهذا المقدار من جانب واحد من جوانب البئر إذا كان البعد بالنظر إليها متفاوتا وذلك مع استدارة رأس البئر فربما يبلغ المساحة السبع إذا قيس إلى جانب ولا يبلغه بالقياس إلى جانب آخر فالمعتبر حينئذ البعد بذلك المقدار فما زاد بالقياس إلى الجميع وأنت خبير بأن فرض الاستدارة مما لا حاجة إليه إلا أن يكون على سبيل التمثيل ويمكن أن يكون المراد من أي جهة كان أي سواء كانت في غربها أو شرقها أو غير ذلك والله أعلم ولا يخفى أن هذين الخبرين وإن كانا غير نقي السند لكن أمر الاستحباب واسع فلا بأس بالعمل بهما سيما مع قبول الأصحاب لهما وعملهم بهما لكن الأولى الوقوف على ما تضمنه حسنة الفضلاء المتقدمة من استحباب التباعد بتسعة أذرع إذا كانت البالوعة فوقها ولم يعتبر السهولة والصلابة لأنها أحسن سندا منهما وأقرب إلى الاحتياط أو لا شهرة خلافه بين الأصحاب مع أنه على المشهور يمكن الجمع بين الروايات الثلاث بحمل الحسنة على شدة الاستحباب وهو أولى من الطرح والعبرة في الفوقية على ما ذكره الأصحاب بقراريهما لا بوجه الأرض واعلم إن ابن الجنيد خالف المشهور في الحكم المذكور وحرر مختاره العلامة (ره) في المختلف بأنه قال إن كانت الأرض رخوة والبئر تحت البالوعة فليكن بينهما اثنا عشر ذراعا وإن كانت صلبة أو كانت البئر فوق البالوعة فليكن بينهما سبع أذرع واحتج له بما رواه التهذيب و الاستبصار في البابين المذكورين عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن البئر يكون إلى جانبها الكنيف فقال إلى أن مجرى العيون كلها من مهب الشمال فإذا كانت البئر النظيفة فوق الشمال والكنيف أسفل منها لم يضرها إذا كان بينهما أذرع وإن كان الكنيف فوق النظيفة فلا أقل من اثني عشر ذراعا وإن كانت تجاها بحذاء القبلة وهما مستويان في مهب الشمال فسبعة أذرع واعترض عليه بأنه لا يدل على ما ذهب إليه ابن الجنيد إذ غاية ما يدل عليه إنه يستحب التباعد بأثني عشر ذراعا إذا كانت البالوعة في طرف الشمال وبسبع إذا كانتا مستويتين في جهة الشمال وبأذرع إذا كانت البئر في جهته من غير تعرض
(٢٤٦)