تحت التحريم وعدم حلول الحياة مما لا دخل له والقول بأن حكم الحدث لا يتعلق به كلام خال عن التحقيق لان الحدث ليس مما يتعلق بجزء جزء من البدن بل هو معنى قايم بالشخص بمجموعه وظهر مما ذكرنا أيضا أنه إذا غسل بعض أجزائه في الوضوء ولم يتم الوضوء لم يجز له المس بذلك العضو الذي غسل لان الحدث لا يرتفع ما لم يتم الوضوء وارتفاع حدث ذلك العضو بغسله غير معقول الثالث هو الآية الكريمة المثبتة في غير المصحف المجيد داخلة في هذا الحكم أم لا وفيه وجهان من حيث أن المس في المصحف المجيد أيضا إنما يتعلق بالآيات لا بالمجموع فيكون مسه خارج المصحف أيضا حراما بلا تفاوت وإشعار رواية علي بن جعفر (عليه السلام) المتقدمة أيضا وللتعظيم ومن حيث أنه يجوز أن يكون مجتمعة لها حرمة ليس لها مع الانفراد ويقوى طرف الدخول إذا كانت الآيات في التفاسير التي يكتب فيها القرآن بتماسه لأنه لا يعبد حينئذ صدق المصحف عليه وقد روى رواية مشعرة بجواز مس الآية في الدرهم وسيجئ في باب الجنابة إنشاء الله تعالى الرابع مس اسم الله تعالى والأنبياء والأئمة (عليهم السلام) في دينار أو غيره وكذا مس كتب التفاسير والأحاديث والفقه هل حكمه ذلك أم لا الظاهر العدم لعدم دليل على حرمته فإن الدلائل التي قد تقدمت لا تدل عليها أصلا ولم نجد سوى ذلك والأصل براءة الذمة حتى يثبت شغلها وقد روى ما يدل على جواز مس اسم الله تعالى ورسوله للجنب في الدرهم كما سيجيئ فللمحدث بطريق أولى لكن لا بأس بالكراهة للتعظيم وأما جواز لمس هامش المصحف وغلافه وحمله وتعليقه على كراهيته فالظاهر أنه جماعي كما نقله العلامة في المنتهى الخامس المنسوخ تلاوته من القرآن دون حكمه غير داخل في حكمه ظاهر أو العكس بالعكس السادس لما كان الوجوب والحرمة فرع التكليف فلم يكن مس الصبيان مما يمكن أن يقال أنه حرام وهل يجب على الولي منعهم الظاهر أنه لا يجب لعدم الدليل وعدم المدرك مدرك العدم هذا والله أعلم وإذا قد تم القول في وجوب الوضوء للغايات الثلاث المتقدمة فلنشرع الان في بيان وجوب الغسل لها أعلم أن الغسل له أقسام متعددة يختلف حكمها في هذه المسألة في بعض الأمور وجمعها معا في البيان مما لا ينبغي فلذا نورد كلا منها على حدة إنشاء الله تعالى ونخص البحث ها هنا بغسل الجنابة لأنه الفرد الأكثر الأشهر ونورد أحكام الأغسال الأخرى في بابها إنشاء الله تعالى فنقول قد علمت في بيان وجوب الوضوء أن الوجوب للصلاة له معنيان وهذان المعنيان يتحققان في الغسل أيضا وإن كان مراد المصنف ها هنا أحدهما كما تقدم أما وجوبه بالمعنى الأول للصلاة الواجبة فقد نقل عليه الاجماع وقد يتمسك أيضا بقوله تعالى في سورة المائدة يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا ووجه الاستدلال ما مر في الاستدلال بها على وجوب الوضوء للصلاة وقد يناقش بأنه يجوز أن يكون جملة وإن كنتم جنبا معطوفة على جملة إذا قمتم لا على فاغسلوا حتى يدخل إذا قمتم عليها ويدل على مطلوبكم ويوجه بأن توسطها بين جملتين الوضوء والتيمم اللتين هما مدخولتا إذا قمتم إنما يدل على مدخوليتها أيضا وكذا إيراد كلمة أن دون إذا وسيجئ تفصيل القول فيه إنشاء الله تعالى في بيان أن الطهارات واجبة لنفسها أم لا ثم أن في الروايات وإن كان ما يدل على وجوب الغسل أكثر من أن يعد لكن لم نجد ما يد على المعنى الذي نحن بصدده لان هذا المعنى إنما يتحقق بأمرين أحدهما أن يكون الغسل مأمورا به بالامر الايجابي مستحقا تاركه للعقاب بتركه بخصوصه وثانيهما أن يكون دلالته على أن ذلك الايجاب والتكليف إنما هو لأجل الصلاة والأمران إنما يتحققان بأن يقال مثلا اغتسل للصلاة أو نحو ذلك من العبارات ولم نقف على مثل ذلك والاخبار نعم في رواية الكاهلي التي سيجئ في مبحث أن الطهارة لنفسها أم لغيرها دلالة على أن الغسل للصلاة لكن لم يدل على وجوبه وأما وجوبه المجرد وكذا شرطيته للصلاة على ما سنثبته وكذا هما معا فلا يكفي في المطلوب إلا على رأى من يقول بوجوب الشرط للواجب المطلق كما أشرنا إليه سابقا ولا يخفى أن الاجماع الذي ذكرنا ففيه أيضا الشك الذي تقدم في الاجماع المنقول على وجوب الوضوء للصلاة بهذا المعنى فإن قلت إذا كان الغسل واجبا وكان أيضا شرطا للصلاة فأي فائدة في هذا النزاع وما ثمرته نعم إذا لم يثبت وجوبه وثبت شرطيته فقط لكان للنزاع فائدة على ما بينوه في مسألة مقدمة الواجب من أنه إذا ترك الشرط و المشروط معا فإن قلنا بأن الشرط للواجب واجب فقد ترك واجبا واحدا ويظهر ثمرته في باب النذر وغير ذلك حسب ما فصلوه وأما إذا كان وجوبه وشرطيته كلاهما ما تبين فلا طايل لان يتعرض لان وجوبه لها أم لا لان المكلف إذا ترك الغسل فقد ترك الواجبين سواء قلنا بالوجوب للصلاة أو لا بل لا معنى للوجوب للصلاة إلا أن يكون واجبا وكان لها مدخل في صحتها أو فضيلتها قلت فرق بين أن يكون الشئ واجبا لشئ بأن يقال إفعل هذا لذاك وبين أن يكون وجابا في نفسه ومع ذلك يكون شرطا لشئ آخر لان في الصورة الأولى يكون تضيقه تابعا لتضيق ذلك الشئ كما يفهم من العبارة عرفا بخلاف الثاني على تقدير عدم القول بوجوب الشرط للواجب المطلق وأما على القول به فالثاني أيضا كذلك كما لا يخفى وعلى هذا يظهر ثمرة النزاع فيما إذا تضيق وقت الصلاة مثلا فإنه إذا قلنا بأن الغسل شرط لها وواجب أيضا بسبب إنزال المني أو غيره مثلا لكن ليس واجبا لها وترك المكلف حينئذ الغسل فلم يكن مستحقا للذم إلا بترك واجب واحد هو الصلاة لان وجوب الغسل والذي كان بسبب آخر لم يتضيق حينئذ فلم يكن مستحقا للذم
(١٥)