مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٣٠٨
نجسا لكان حراما فكان منافيه للحصر فمفاد الآية إن الدم الغير المسفوح طاهر فلو كان في الروايات إن الدم مطلقا أو عاما نجس لوجب تقييدها أو تخصيصها بالآية لأنهما حينئذ من قبيل المطلق والمقيد والعام والخاص المتنافيين وهو ظاهر وفيه إنه كلام ظاهري وعند التحقيق ليس إلا كذلك لان آية قل لا أجد فيه أمران أحدهما الحكم العام بعدم وجدان حرمة شئ والثاني استثناء الدم المسفوح منه فالمنافاة بين هذه الآية وبين آية حرمت عليكم والروايات الواردة بنجاسة الدم وحرمته أما باعتبار الجزء الأول أو باعتبار الجزء الثاني فإن كان باعتبار الجزء الأول فحينئذ ينعكس الامر لان هذا الجزء عام والآية الأخرى والروايات خاصة لان حاصله إنه لا شئ بمحرم وحاصل الآية والروايات إن الدم حرام فيجب تخصيصه بهما وإن كان باعتبار الجزء الثاني فلا منافاة إذ حاصل الجزء الثاني إن الدم المسفوح حرام وهذا لا ينافي حرمة الدم مطلقا حتى يجب التقييد فلن قلت المنافاة باعتبار مفهوم الجزء الثاني لا منطوقه لأنه مفهومه إن الدم غير المسفوح ليس بحرام وهو ينافي تحريم الدم مطلقا فيجب أن يقيد المطلق بالمسفوح قلت قد عرفت إن المفهوم على تقدير حجيته لا عموم له وحينئذ فغاية الامر أن يستفاد من قوله تعالى أو دما مسفوحا إن الدم الغير المسفوح ليس بمستثن من الحكم بالحل في الجملة كما أن المسفوح مستثن منه بالكلية وذلك لا يوجب طهارة جميع الدماء الغير المسفوحة بل شئ منها وذلك متحقق في ضمن الدم المتخلف في الذبيحة ودم ما لا نفس له فلا يلزم إذن تقييد الدم الواقع في الآية والروايات بالمسفوح وإخراج غير المسفوح منه مطلقا إلا أن يتمسك بأنه قد ثبت من حيث دلالة المفهوم إن الآية والروايات مخصصة مجملا والعام إذا علم تخصيصه مجملا لا يبقى حجية في شئ أصلا إذ يحتمل في كل فرد إنه المخصص ولا يبعد أن يقال إذا ثبت تخصيص فرد معين من خارج كتخصيص الدم المتخلف في ما نحن فيه فالظاهر حينئذ حمل التخصيص المعلوم إجمالا عليه وقصره فيه لان التخصيص خلاف الأصل والظاهر فيقتصر على قدر الضرورة هذا ولا يخفى إنه لا يمكن حمل كلام صاحب المعالم على ما ذكرنا لأنه سيصرح بعد هذا بقليل إن قوله تعالى دما مسفوحا يدل على حل غير المسفوح مطلقا يخرج عنه ما وقع الاتفاق على تحريمه فيبقى الباقي وسننقل كلامه هذا في مسألة نجاسة العلقة (ثم يمكن أن يقال إن هذه الآية بعد ملاحظة الاستثناء يصير أعم من وجه من الآية الأخرى والروايات فتخصيصها بها ليس أولى من العكس بل الامر بالعكس لأنها الموافقة للأصل) وأما ثالثا ففي قوله وأما ثانيا فلانه احتج انتهى وجهه ما عرفت آنفا إن العلامة (ره) لا يدعي انحصار النجس في المسفوح إلا من جهة انحصار المحرم فيه وعلى هذا لا بد في الاستدلال على طهارة دم السمك مما أخذه من الحلية كما لا يخفى هذا وقد بقي في المقام بيان حكم المتخلف بعد الذبح وهو قسمان لأنه أما في مأكول اللحم أو في غيره أما الأول فالظاهر طهارته سواء بقي في العروق أو في البطن أو غيرهما سوى ما يكون في العضوي الذي ليس بمحلل كالطحال مثلا أما أولا فلقوله تعالى أو دما مسفوحا وقد عرفت ما في التمسك به وأما ثانيا فللأصل براءة وطهارة عقلا ونقلا وفيه أيضا إن بعد ورود الروايات بنجاسة الدم من غير تقييد فلا يبقى التمسك بالأصل بحال إذ ليس هذا الدم من الدماء الغير المتعارفة حتى يمنع شمول الروايات له وأما ثالثا وهو المعتمد فلاجماع الأصحاب ظاهرا إذ لم يعرف فيه خلاف مع إنا نعلم ضرورة حلية اللحم وإن في زمان النبي صلى الله عليه وآله وفي زمان الأئمة عليهم السلام كان يتعارف أكله ولا شك أنه لا ينفك من دم البتة ولو سلم إن الدم يجوز أن يكون طاهرا أو حلالا ما لم يظهر للحس لكن بعد ظهوره يكون نجسا ومحرما فنقول لا شك إن اللحم في طبخه يظهر منه الدم البتة فلو كان نجسا لما أمكن أكل اللحم أصلا وهو خلاف الضرورة من الدين ولو قيل إنه يجوز أن يكون عفوا فإن كان المراد العفو المطلق فهو عبارة أخرى للطهارة على ما ذكرنا سابقا وإن أريد العفو في الاكل فقط فالحرج وكونه خلاف الضرورة أيضا باق بحاله إذ يعلم ضرورة أنهم بعد أكل اللحم لا يتحرزون عنه ولا يغسلون أيديهم وأفواههم وجميع ما يلاقيه من القدر والأواني ونحوها فإن قلت ما حال ما يكون في العضو الذي ليس بمحلل في الحلية والطهارة قلت أما الحلية فلعل الظاهر عدمها لأنه إذا حكم على الطحار مثلا بأنه حرام فالظاهر أن دمه أيضا كذلك مع أنه علل في بعض الروايات حرمة الطحال بكونه دما وكأنه لا خلاف فيه أيضا ظاهرا مع تأييده بإطلاق الآية الدالة على حرمة الدم والروايات الدالة على حرمته ونجاسته والاحتياط وأما الطهارة فالحكم بعدمها مشكل لعدم ظهور شمول الروايات له بحيث لا يكون فيه للمنع مجال مع أن الأصل الطهارة ومذهب الأصحاب أيضا غير ظاهر فلو لم يثبت إجماع على نجاسته لم يبعد القول بالطهارة لكن لا شك إن الاحتياط في التجنب عنه غالبا إلا على فرض نادر على ما مر نظيره مرارا ثم لا يخفى إن طهارة المتخلف إنما هو بعد الذبح الشرعي إذ لو لم يكن ذبحا شرعيا فيصير ميتة ويكون جميع أجزائه نجسا إلا ما استثنوه من الميتة ويجب أيضا أن لا يعلم دخول شئ من الدم المسفوح في غير المسفوح وإلا فيكون نجسا أيضا واشترطوا أيضا أن يكون بعد القذف المعتاد فلو تخلف لعارض كجذب الحيوان له بنفسه ولذبحه في أرض منحدرة ورأسه أعلى فإن ما في البطن حينئذ نجس هكذا قال الشهيد الثاني في روض الجنان والاشتراط المذكور كما قاله وغيره أيضا مما لا بأس به لكن لا ندري وجه التخصيص بالبطن في قوله فإن ما في البطن حينئذ نجس إذ الظاهر أنه لا فرق بين ما في البطن وما في العروق وغيرهما وكأنه من باب المثال وأما الثاني أي ما يتخلف بعد الذبح في غير مأكول اللحم مما يقبل التذكية إذ ما لا يقبلها يكون نجسا فالظاهر حرمته ونجاسته أما الحرمة فلان ما يدل على تحريم الحيوان الذي هو دمه يدل على حرمته أيضا إذ الحيوان اسم للمجموع ولا ظهور له في خصوص اللحم ولا يرد النقض بالطهارة بأن يقال الامر الدال على طهارة الحيوان يلزم أن يكون دالا على طهارة جميع أجزائه مع أنه ليس كذلك لان خروج بعض الاجزاء بدليل من خارج لا ينافي شمول الحكم ظاهرا لجميع الاجزاء وهو ظاهر مع أن الظاهر إطباق الأصحاب أيضا عليه حيث حصروا الدم الطاهر من ذي النفس فيما يبقى
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336