مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٣٠١
وهو جيد وإن كان يوجد مثله في الروايات كثيرا مع أنك قد علمت إن الحمل على الاستحباب لا حاجة له إلى تأييد وتقوية في أحاديثنا ثم أورد على ما نقلنا من الشيخ (ره) بقوله ولا يخفى ما في قوله يدل على ذلك ما أوردناه من أن ما يؤكل لحمه إلخ فإن هذا المضمون عام والاخبار التي يحاول تأويلها خاصة فطريق الجمع بينهما حمل العام على الخاص لا ما ذكره وقد كان الصواب التمسك في ذلك بالاخبار التي ذكرناها في الاحتجاج للطهارة فإنها خاصة كأخبار النجاسة فيقع التعارض انتهى ويمكن أن يقال إن ما أورده الشيخ وإن كان عاما لكن لا دليل على وجوب تخصيصه بالاخبار الخاصة لجواز الجمع بينهما بحمل الأخبار الخاصة على التجوز ولا نسلم رجحان التخصيص على مثل هذا التجوز الشايع في الروايات ولو فرض أدنى رجحان له أيضا فيعارضه موافقة العام للأصل ولعمل جل الأصحاب ولا شك إنه حينئذ الرجحان للعام فلذا ارتكب الشيخ التجوز في الخاص إلا أن يقال إن المطلقات الواردة في البول والعذرة الظاهرة في العموم مرجحة للخاص إذ على تقدير التجوز في الخاص يلزم زيادة تخصيص مع ارتكاب التجوز فيها وعلى تقدير تخصيص العام الذي أورده الشيخ يلزم التخصيص فيه فقط فيكون أولى القلة المحذور لكن قد عرفت المناقشة في ظهور تلك المطلقات في العموم ظهورا بينا مع أن العذرة لا شمول لها للأرواث ومع ذلك عمل الأصحاب وأصالة البراءة والطهارة مرجحان قويان لا يعارضهما ما ذكر وبعد ذلك أورد صاحب المعالم الاعتراض على استقامة الجمع الذي ذكره الشيخ من الحمل على الكراهة والتقية وقال إن تكلف الجمع فرع حصول التعارض والمصير إلى التأويل إنما يصح عند قيام المعارض وذلك مفقود هنا فإن في أخبار التنجيس ما هو صحيح السند وليس في جانب الطهارة حديث صحيح وبين وجه عدم الصحة في روايات الطهارة جميعا ثم بالغ جهدا في تقوية بعض تلك الروايات سيما رواية الأغر النخاس بما ذكره يفضي إلى التطويل وأثبت أن لا تفاوت بين روايات الطهارة والنجاسة في الصلاحية للاحتجاج على طريقة القوم وإن على طريقته لا شئ منها جميعا وبصحيح ورجح على الوجهين جانب الطهارة لأنه لا يبقى عليهما المقتضى الأصل المعتضد بعمل جمهور الأصحاب ومخالفة ما عليه أهل الخلاف معارض وأنا أقول لا يخفى أنه لو فرض التفاوت بين الروايات أيضا وإن في طرق النجاسة يوجد ما هو صحيح دون طرق الطهارة لكان الترجيح أيضا للطهارة لان الاستدلال على النجاسة أما باعتبار المطلقات التي في الأبوال والعذرة التي ظاهرها النجاسة ويوجد فيها ما هو صحيح وأما باعتبار الروايات الواردة في خصوص هذه الثلاثة التي بعضها صحيح أما الأول فقد عرفت الحال فيه مرارا وإن تلك المطلقات قاصرة عن إفادة المرام مع وجود تلك المعارضات وأما الثاني فغير تمام أيضا لما ظهر من أن بناء دلالة الروايات جميعا إلا موثقه سماعة على الامر بالغسل والامر حاله ظاهر في عدم ظهوره في الوجوب سيما مع وجود تلك المعارضات الكثيرة التي لا يخلو عن قوة وإن لم يوجد فيها صحيح ومع وجود تلك الروايات الدالة على طهارة الروث من دون معارض لعدم شمول العذرة له المستلزمة لطهارة البول أيضا لعدم القول بالفصل مع أن حمل الامر على الوجوب يوجب إطراح هذه الروايات وأمر موثقة سماعة أيضا سهل بعد ملاحظة تلك الأمور ومعارضتها بما هو أقوى منها وهذا كله مع معاضدة الأصل العقلي والنقلي وعمل جل الأصحاب ولزوم العسر والمشقة الغير المناسبين للشريعة السمحة السهلة وبالجملة الخبر الواحد وإن كان صحيحا لا جزم في وجوب العمل به مع عدم معاضدته بعمل الأصحاب ومخالفته للأصل سيما مع وجود المعارضات له وإن لم يكن صحيحة وخصوصا مع تحقق قوة ما لبعض تلك المعارضات كما فيما نحن فيه إذ الدليل على وجوب العمل بخبر الواحد الصحيح لا نسلم شموله لهذه الصورة أيضا فتدبر ولكن مع ذلك الاحتياط في الاجتناب غالبا سيما في البول الذي هو مورد النصوص هذا وأما الحكم الثالث فقد ظهر مما ذكر من دون حاجة إلى التصريح به (والمني والدم من ذي النفس) أما المني فقد ادعى العلامة في التذكرة إنه نجس عند علمائنا أجمع من كل حيوان ذي نفس سائلة آدميا كان أو غيره وظاهر المنتهى أيضا ذلك حيث قال قال علماؤنا المني نجس ويدل عليه أيضا مضافا إلى الاجماع قوله تعالى وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان قال هو التفسير المراد بذلك أثر الاحتلام هكذا استدل العلامة في المنتهى ثم قال واستدل المرتضى بهذه الآية في المسائل الناصرية بوجه آخر وهو إن الرجز والرجس بمعنى واحد لقوله تعالى والرجز فاهجر وأراد به عبادة الأوثان فعبر عنها مرة بالرجز والأخرى بالرجس فاتحد معناهما وإذا سمى الله تعالى المني رجسا ثبت نجاسته ولأنه تعالى أطلق اسم التطهير ولا يراد شرعا إلا في إزالة النجاسة أو غسل الأعضاء الأربعة انتهى كلام المنتهى وفي كلا الاستدلالين نظر أما في استدلال العلامة (ره) فلان قول المفسرين بأن الرجز أثر الاحتلام بعد ما سلم صحة التعويل عليه يحتمل أن يكون المراد به النجاسة الحديثة التي يحصل عقيب الاحتلام لا المني ولو سلم أنه المني فلا يدل على نجاسة إذ لا شك في كراهته للطبع واستقذاره له فيجوز أن يكون امتنان الله تعالى سبحانه بإذهابه باعتبار إذهاب تلك الكراهة والاستقذار لا باعتبار النجاسة ولو تمسك بإطلاق التطهير فيرجع إلى الوجه الأخير الذي نقله عن المرتضى (ره) وسنتكلم عليه وأما في الاستدلالي المرتضى (ره) ففي الأول بعد تسليم كون المراد من الرجز هو المني إن إطلاق الرجز والرجس على عباده الأوثان لا يدل على اتحاد معناهما وهو ظاهر وأيضا الرجس الذي أطلق على عبادة الأوثان لا يجوز أن يكون المراد منه النجس بل لا بد من حمله على معنى آخر وإن كان مجازيا للرجس فغاية ما يلزم من إطلاق الرجز أيضا عليه اتحاد معنى الرجز مع هذا المعنى للرجس لا بمعناه الاخر الذي هو النجس لو كان وفي الثاني إن إطلاق التطهير شرحا على الغسل مما لا شك فيه وحينئذ نقول يجوز أن يكون المراد منه في الآية غسل الجنابة
(٣٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336