هشام بن سالم من قصة أم إسماعيل المتقدمة في بحث ترتيب الغسل وصحيحة حريز المقطوعة المذكورة في بحث موالاة الوضوء وما رواه التهذيب في الباب المذكور والكافي أيضا في الباب المتقدم في الحسن عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إن عليا (عليه السلام) لم ير بأسا أن يغسل الجنب رأسه غدوة ويغسل ساير جسده عند الصلاة وأما استحبابه فلما فيه من المسارعة والاستباق إلى الخير وحصول الطهارة المطلوبة للشارع كما يظهر من الكتاب والسنة وللتحفظ من طريان المفسد في الغسل ولفتوى جمع من الأصحاب باستحبابه قال في الذكرى ولأن المعلوم من صاحب الشرع وذريته المعصومين فعل ذلك (والغسل بصاع) لا خلاف بين علمائنا في عدم وجوب الغسل بصاع بل يكفي عندهم أقل ما يسمى غسلا ونسب إلى أبي حنيفة القول بوجوب الصاع ويدل عليه مضافا إلى الاجماع الأصل وإطلاق الروايات المذكورة في الأبواب السابقة ويزيده بيانا ما رواه التهذيب في الباب المذكور في الموثق عن زرارة قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن غسل الجنابة فقال أفض على رأسك ثلاث أكف وعن يمينك وعن يسارك إنما يكفيك مثل الدهن وما رواه أيضا في هذا الباب في الحسن عن هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال يجزيك من الغسل والاستنجاء ما بللت يدك وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب مقدار الماء الذي يجزي للوضوء والغسل بأدنى تغيير وما رواه أيضا في هذا الباب والكافي في الباب المذكور في الحسن عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال الجنب ما جرى عليه الماء من جسده قليله وكثيره فقد أجزء ورواية إسحاق بن عمار المتقدمة في بحث الوضوء عند قول المصنف ويجزى في الغسل مسماه ولو كالدهن وأما ما رواه التهذيب في زيادات باب الأغسال في الصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليه السلام) أنهما قالا توضأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) واغتسل بصاع ثم قال اغتسل هو وزوجته بخمسة أمداد من إناء واحد قال زرارة فقلت له كيف صنع هو قال بدأ هو فضرب بيده في الماء قبلها وأنقى فرجه ثم ضربت فأنقت فرجها ثم أفاض هو وأفاضت هي على نفسها حتى فرغا فكان الذي اغتسل به رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثلاثة أمداد والذي اغتسلت به مدين وإنما أجزء عنهما لأنهما اشتركا جميعا ومن انفرد بالغسل وحده فلا بد له من صاع وروى في الفقيه أيضا أكثر هذه الرواية مرسلا عن الباقر (عليه السلام) في باب مقدار الماء للوضوء والغسل فمحمول على الاستحباب جمعا بين الروايات وأما استحباب الغسل بصاع فهو أيضا إجماع منا ويدل عليه روايات كثيرة منها هذه الرواية منها ما رواه التهذيب في باب حكم الجنابة في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يغتسل بصاع وإذا كان معه بعض نسائه يغتسل بصاع ومد ومنها الروايات المذكورة في بحث استحباب الوضوء بمد ثم اعلم أن المفيد في المقنعة قال والغسل بصاع من الماء وقدره تسعة أرطال بالبغدادي وذلك إسباغ ودون ذلك مجزي في الطهارة وقال الشيخ في المبسوط والاسباغ بتسعة أرطال وفي النهاية والاسباغ يكون بتسعة أرطال من ماء وفي الخلاف الفرض في الغسل إيصال الماء إلى جميع البدن وفي الوضوء إلى أعضاء الطهارة وليس له قدر لا يجوز أقل منه إلا أن المستحب أن يكون الغسل بتسعة أرطال والوضوء بمد وهذه العبارة حسنة مطابقة للروايات لا غبار عليها لكن بعض آخر كالعلامة والمحقق غيراها قال المحقق في المعتبر والغسل بصاع فما زاد لا خلاف بين فقهائنا في استحبابه وقال العلامة في المنتهى الغسل بصاع فما زاد مستحب عند علمائنا أجمع قال المصنف في الذكرى والشيخ وجماعة ذكروا استحباب صاع فما زاد والظاهر أنه مقيد بعدم أدائه إلى السرف المنهي عنه انتهى ولا يخفى أنه مع هذا التقييد أيضا محل كلام لعدم دليل على استحباب ما زاد بل ظاهر الروايات السابقة عدم استحبابه سيما مرسلة الفقيه عن رسول الله (عليه السلام) المنقولة في بحث استحباب الوضوء بمد اللهم إلا أن يكون إجماع عليه وبما نقلنا عن عبارات الشيخ في كتبه ظهر أن ما نسب إليه في الذكرى خلاف الواقع إلا أن يكون في غير هذه الكتب من تصانيفه ثم إنه استفيد من بعض الروايات السابقة أن استحباب الصاع إنما يكون عند الانفراد وأما مع الاشتراك فيكفي أقل منه ويدل عليه أيضا ما رواه التهذيب في باب حكم الجنابة والكافي في باب مقدار الماء في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليه السلام) قال سألته عن وقت غسل الجنابة كم يجزي من الماء فقال كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يغتسل بخمسة أمداد بينه وبين صاحبته ويغتسلان جميعا من إناء واحد واستفيد أيضا ظاهرا إن ماء غسل الفرج محسوب من الصاع وقد ألحق به ماء غسل اليد والمضمضة والاستنشاق أيضا وليس ببعيد هذا والكلام في تحقيق الصاع سيجئ إن شاء الله تعالى في الزكاة تتمة قد ظهر بما سبق جوز الاكتفاء بما دون الصاع فهل يكفي المسح كالدهن أو لا بد من الجريان ظاهر الأصحاب الثاني متمسكا بعدم صدق الغسل بدون الجريان وبصحيحة محمد وحسنة زرارة المتقدمتين في بحث الترتيب وحسنة زرارة المتقدمة آنفا وما ورد في بعض الروايات السابقة من لفظ الإفاضة وحملوا الروايات الواردة بإجزاء الدهن ونحوه على المبالغة والتجوز وأنت خبير بأنه لو لم يكن إجماع على ما ذكروه لكان الظاهر جواز الاكتفاء بالدهن الحقيقي لظاهر الروايات وعدم صلاحية ما تمسكوا به من الوجهين لمعارضتها أما الأول فلعدم معلومية المعنى الحقيقي للاظهار والاغتسال في عرف الشرع ولو سلم فحمل الروايات المذكورة على المجاز ليس بأولى من حمله عليه بل الامر بالعكس لمعاضدتها بالأصل وأما الثاني فلجواز حملها على المتعارف بلا ارتكاب خلاف ظاهر ولو سلم عدم الظهور ففيه ما ذكرنا ثانيا في الوجه الأول ولا يخفى أنه لو تحقق الصب في بعض الأعضاء ثم اكتفى بالمسح في بعض آخر فالجواز فيه أظهر إذ يصير حينئذ دعوى عدم صدق
(١٧٧)