من الحيوان الانسي سوى ما لا يمكن التحرز منه كالفارة والحية والهرة وجواز استعمال سؤر الطاهر من الحيوان الوحشي وسؤر الطير مطلقا وقال فيه ولا بأس بسؤر البغال والدواب والحمير لان لحمها ليس بمحظور وإن كان مكروها لكراهة لحمها وأما ما يؤكل لحمه فلا بأس بسؤره إلا ما كان جلالا وكلا وظاهر كلامه في التهذيب وكذا الاستبصار منعه من سؤر ما لا يؤكل لحمه مطلقا إلا أنه استثنى منه في الاستبصار الفارة ونحو البازي والصقر من الطيور وفي التهذيب الطير مطلقا والسنور ولا يخفى إن منعه الجواز في استعمال السؤر فيما منع في كتبه الثلاثة لم يعلم أنه من جهة النجاسة أو غيرها وإن كان الظاهر من منع التوضؤ ونحوه أن يكون من جهة النجاسة ومن الشرب ونحوه يحتمل أن يكون من جهة النجاسة أو الحرمة والله أعلم ثم أنه استثنى الانسان أيضا من بين ما لا يؤكل لحمه فإن سؤره عنده لا بأس به إلا إذا كان كافرا وسيجئ تفصيل القول في الكفر إنشاء الله تعالى ونسب العلامة في المختلف إلى ابن إدريس أنه حكم بنجاسة سؤر ما لا يؤكل لحمه من حيوان الحضر من غير الطير مما يمكن التحرز منه وهو مثل قول المبسوط وسيجئ تفصيل القول في هذه المسألة وبيان ما هو الظاهر من الأقوال بعيد هذا إنشاء الله تعالى وأما الحكم الثاني فإن كان المراد بالسؤر الماء القليل فقد مر الكلام فيه بما لا مزيد عليه في مبحث الماء القليل وإن كان أعم منه ومن المضاف فقد مر في بحث المضاف أيضا ما يتعلق بالمضاف وإن دخلت الجوامد أيضا فالظاهر أن الحكم بنجاسة الجامد أيضا بملاقاة فم الحيوان النجس له أو عضوه الاخر مع الرطوبة إجماعي ولم نعلم فيه مخالفا ويؤيده ما رواه التهذيب في أواخر باب المياه وأحكامها في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليهما السلام) قال سئلته عن الفارة والكلب إذا أكلا من الخبز أو شماه أيؤكل قال يطرح ما شماه ويؤكل ما بقي وأما الحكم الثالث فقد عمم الحكم جماعة كما في الكتاب وبعضهم قال في البغال والحمير والحق بعضهم الخيل أيضا قال في المعالم وعلل على التقديرين بأن فضلات النعم التي لا ينفك عنها تابعة للحم ولم ينقل في ذلك حديث بل الأخبار السابقة مصرحة بنفي البأس عنه كرواية الفضل وصحيحة جميل بن دراج انتهى ولا يخفى إن التعليل المذكور ليس بمعتمد إذ التابعية ممنوع وأيضا إذا كان الكلام عاما في الماء وغيره من الجوامد فالحكم ببقاء الفضلات بعد يبسها مشكل في أكثر الأحوال فيشكل أيضا ترتب كراهة السؤر عليه مطلقا ويمكن أن يستدل عليه بما رواه التهذيب في أواخر الباب المذكور أيضا عن سماعة قال سئلته هل يشرب سؤر شئ من الدواب ويتوضأ منه قال أما الإبل والبقر فلا بأس وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب الوضوء من سؤر الدواب والسباع وفيها الغنم أيضا بعد البقر وهذا الخبر وإن لم يصلح مستندا لما في الكتاب لكن شموله للبغال والحمير والخيل ظاهر ثم أنه وإن كان مضمرا لكن الظاهر أن إضمار لا يضره إذ ظاهرا إن سماعة يروي عن الإمام (عليه السلام) وكذا جهالته بأبي داود ومعارضته بروايات كثيرة دالة على نفي البأس عن سؤر الأشياء التي يكره لحمها كما سنوردها مفصلة في الأبواب الآتية إنشاء الله تعالى إذ يتسامح في باب الكراهة والاستحباب كثيرا ويعمل بالضعاف فيهما كما مر مرارا وطريق الجمع بين الروايات واضح بحمل البأس على الكراهة ونفيه على نفي الحرمة كما هو الشايع في الروايات جدا هذا مع معاضدته بقول جمع من الأصحاب وعدم وجدان قول صريح من أحد بخلافه ولا يخفى إن الخبر الذي نقلنا مختص ظاهرا بالماء المطلق فالحكم في المضاف والجامد مشكل ولعل إبقائهما على الإباحة أولى (ويكره سؤر الجلال) وهو الذي يأكل العذرة محضا قد مر إن المرتضى في المصباح استثنى الجلال من المباح وحكم بنجاسة سؤره وكذا نقل عن ابن جنيد والمبسوط وذهب الفاضلان و جماعة من الأصحاب إلى ما ذهب إليه الكتاب ويحكى عن المرتضى أيضا الذهاب إليه في جمل العلم والعمل والظاهر أنه لا مستند للحاضرين سوى ما قيل إن رطوبة أفواهها ينشأ من غذاء نجس فيجب الحكم بالنجاسة وفيه بعد تسليم جميع رطوبات أفواهها من الغذاء النجس إذ يجوز أن يكون بعضها من الماء نجاستها ممنوعة إذ الاحكام تابعة للأسماء وبعد الاستحالة لا يبقى الاسم والحكم ونقض أيضا ببصاق شارب الخمر ما لم يتغير وبما لو أكلت غير العذرة مما هو نجس وبالجملة مقتضى الأصل الطهارة والإباحة والروايات الآتية أيضا دالة عليه لكن القول بالكراهة أيضا ليس ببعيد عن الصواب للخروج عن خلاف الأصحاب والاحتياط التام في الاجتناب ثم لا يبعد أن يعلل المنع بما ورد في نجاسة عرق الجلال وسيظهر إنشاء الله تعالى تحقيق الحال (وأكل الجيف مع الخلو عن النجاسة) الجيفة الميتة المنتنة قد مرا إن النهاية استثنى سؤر ما أكل الجيف من الطير من المباح والعلامة في المنتهى حكم بكراهة سؤر أكل الجيف لكن قيده بالطير وكذا المحقق في المعتبر ونسباه إلى المرتضى أيضا وحكم في المختلف بكراهة سؤره لكن لم يقيده بالطير كما في الكتاب ولا مستند ظاهرا للشيخ (ره) إلا أن يعلل بنحو ما مر في الجلال وقد عرفت ما فيه والعلامة في المختلف قال إن الشيخ احتج فيه بمفهوم والرواية التي سنوردها في بحث سؤر ما لا يؤكل لحمه إنشاء الله تعالى وفيه من الضعف ما لا يخفى إذ بعد تسليم الدلالة إنما يثبت الحكم في بعض ما أكل الجيف الذي لا يؤكل لحمه وأيضا الحكم إنما هو باعتبار إنه هو لا يؤكل لحمه ولا مدخل فيه لاكل الجيفة وهو ظاهر ثم إن الظاهر فيه أيضا الطهارة والإباحة بمقتضى الأصل والرويات الآتية والخروج عن الخلاف وذهاب جمع من الأصحاب يدعوا إلى القول بالكراهة والاحتياط يحدو إلى الاحتراز والظاهر أن الحكم يعم المطلق والمضاف والجامد هذا مع خلو موضوع الملاقاة عن النجاسة وأما مع عدمه فالحكم في المطلق والمضاف قد مر مفصلا والجامد أيضا كأنهم يدعون الاجماع فيه ثم إن هذا القيد في كلام المصنف يجب إرجاعه إلى الجلال أيضا (والحايض المتهمة) الشيخ في المبسوط أطلق القول بكراهة سؤر الحايض وكذا نقل عن المرتضى في المصباح وابن الجنيد أيضا وفي النهاية قيد بالمتهمة كما هنا وكذا نقل عن سلار وإليه ذهب الفاضلان والشهيد الثاني وقال الصدوق في الفقيه ولا بأس بالوضوء بفضل الجنب والحايض ما لم يوجد غيره وكأنه أيضا موافق للمبسوط
(٢٦٨)