المحقق من الأحوطية حسن وأما كلام الشهيد الثاني (ره) ففي موضع النظر لان الحمل على يوم الصوم يقتضي عدم الاجزاء باليوم الذي يفوت من أوله جزء وإن قل وعباراتهم لا تدل عليه بل ظاهرها ما هو أوسع من ذلك ولفظ الراوية محتمل أيضا لصدق اسم اليوم وإن فات منه بعض الاجزاء إذا كانت قليلة وبالجملة فهذا التدقيق اللازم من جعله يوم صوم مستبعد وقد تبعه على ذلك المتأخرون فأوجبوا تفريعا على القول بالوجوب إدخال جزء من الليل أولا وآخرا من باب مقدمة الواجب في الذكرى أولى ليتحقق حفظ النهار وربما أوجب بعضهم تقديم تأهب الآلات قبل الجزء المجعول مقدمة وهذه الفروع كلها غير واضحة كالأصل انتهى وهو جيد ولا فرق في اليوم بين الطويل والقصير لصدق اليوم عليهما سواء قال المصنف في الذكرى ولا يجب مجرى الأطول والأولى استحبابه حيث لا ضرر لما فيه من المبالغة في التطهير والحكم بالاستحباب لا يخلو من إشكال ولا يجزي الليل ولا الملفق منه ومن النهار لخروجهما من النص والقياس لا يعبأ به وقد اختلفوا في اشتراط كون المتراوحين رجالا فالأكثر على الاشتراط فلا يجزي النساء والصبيان والخناثي محتجا بأن القوم لا يشمل النساء والصبيان إذ لا يتبادر منه في العرف إلا الرجال ولنص جماعة من أهل اللغة على ذلك قال الجوهري القوم الرجال دون النساء وقال ابن الأثير في النهاية القوم في الأصل مصدر قام فوصف به ثم غلب على الرجال دون النساء ولذلك قابلهن به يعني في قوله تعالى لا يسخر قوم من قوم ولا نساء من نساء وقد قابلهن الشاعر أيضا حيث قال أقوم آل حصن أم نساء وقال المحقق في المعتبر إن علمنا بالخبر المتضمن لتراوح القوم أجزء النساء والصبيان ويوافقه ما في القاموس وقد نسب إلى غيره أيضا من إطلاق القوم على النساء أيضا لكن بقي الكلام في الصبيان وشرط بعض الأصحاب في الاجتزاء بهن عدم قصور نزحهن عن نزح الرجال وكأنه نظر إلى اشتراك العلة ولا يخلو من إشكال والأولى اختيار الرجال ثم الظاهر من الرواية جواز الزايد عن الأربعة وما وقع في بعض كلمات الأصحاب من الأربعة فكأنه للاقتصار على أقل ما وقع به التراوح وقال المصنف في الذكرى الظاهر إجزاء ما فوق الأربعة لأنه من باب مفهوم الموافقة ما لم يتصور بطؤ بالكثرة ولا يخفى أن الاشتراط الذي ذكره لا يخلو من وجه لكن تعليله إجزاء ما فوق الأربعة بمفهوم الموافقة لا يخلو من إشكال إذ الخبر لا يختص ظاهره بالأربعة فكأنه نظر إلى اثنين اثنين ولا يخفى ما فيه وهل يجزي أقل من الأربعة الظاهر لا لمخالفته لظاهر الرواية واستقرب في التذكرة الاجزاء بالاثنين القويين اللذين ينهضان بعمل الأربعة وفيه إشكال وكأن كلام المصنف في الذكرى أيضا ناظر إليه حيث قال وأما الاثنان الدائبان فالأولى المنع للمخالفة حيث قيد الاثنين بالدائبين (ولو اتصلت بالجاري طهرت وكذا بالكثير مع الامتزاج وأما لو تسنما عليهما من أعلى فالأولى عدم التطهير لعدم الاتحاد في المسمى) إعلم أن كلام الأصحاب في هذا المقام مختلف فقد نقل عن جماعة أنهم صرحوا بعدم انحصار طريق تطهير البئر في النزح حيث حكم بنجاسته بل هو طريق اختص به وشارك غيره من المياه في الطهارة بوصول الجاري إليه ووقوع ماء الغيث عليه وإلقاء الكر على ما مر تفصيله وظاهر كلام المعتبر انحصار طريقه في النزح حيث قال إذا أجرى إليها أي البئر الماء المتصل بالجاري لم يطهر لان الحكم متعلق بالنزح ولم يحصل وقد حكم العلامة (ره) في المنتهى بطهارته باتصاله بالجاري حيث قال لو سيق إليها نهر من الماء الجاري وصارت متصلة به فالأولى على التخريج الحكم بالطهارة لان المتصل بالجاري كأحد إجزائه فخرج عنه حكم البئر وقال في القواعد لو اتصلت بالنهر الجاري طهرت والمصنف (ره) اختلف فتواه في هذه المسألة ففي هذا الكتاب حكم بما ترى ووافقه الذكرى حيث قال وامتزاجه بالجاري مطهر لأنه أقوى من جريان النزح باعتبار دخول ما ينافي اسمه ثم قال وكذا لو اتصل بالكثير أما لو وردا من فوق عليها فالأقوى أنه لا يكفي لعدم الاتحاد في المسمى لكن ظاهر البيان مخالف لهما حيث قال وينجس ماء البئر بالتغير ويظهر بمطهر غيره وبالنزح ثم قال والأصح نجاسته بالملاقاة أيضا وطهره بما مر وبنزح كذا وذكر المقادير والظاهر من تلك الأقاويل قول المحقق (ره) لان التطهير أمر شرعي لا بد له من دليل ولا دليل ظاهرا على ما عدا النزح كما يظهر من جواب أدلة التطهير بغيره فيستصحب حكم النجاسة اللهم إلا أن يناقش في الاستصحاب بنحو ما مر غير مرة وأما حجج القول بعدم انحصار طريق التطهير في النزح فأحديهما ما نقلنا عن العلامة في تطهيره باتصاله بالجاري وفيه منع ظاهر وثانيتها ما أشار إليه في الذكرى في التطهير بالامتزاج بالجاري وفيه أيضا منع ظاهر إذ لا نسلم إن العلة في النزح حصول الجريان لجواز أن يكون أمرا آخر لا نعلمه وثالثها ما أشار إليه صاحب المعالم حيث قال والتحقيق عندي مساواته لغيره من المياه في الطهارة بما يمكن تحققه فيه من الطرق التي ذكرناها سابقا ووجهه على ما اخترناه من اشتراط الامتزاج بالمعنى الذي حققناه واضح فإن ماء البئر والحال هذه يصير مستهلكا مع المطهر فلو كان عين نجاسة لم يبق له حكم فكيف وهو متنجس ولا ريب أنه أخف وأما على القول بالاكتفاء بمجرد الاتصال فلان دليلهم على تقدير تماميته لا يختص بشئ دون شئ إذ مرجعه إلى عموم مطهرية الماء فيدخل ماء البئر تحت ذلك العموم انتهى وفيه نظر لان الاستهلاك الذي ذكره ممنوع كيف ويكتفي في تطهير البئر على هذا القول بمجرد إلقاء كر مثلا وإن كان ماء البئر أضعاف أضعافه فالحكم بالاستهلاك حينئذ لا يعقل أصلا إلا أن يقال لا شك أنه يمكن أن يحصل الاستهلاك في بعض الصور كما إذا كان الماء الوارد عليه أضعاف أضعافه فحينئذ يطهر بالوجه الذي ذكر وإذا طهر في هذه الصورة لزم طهارته في غيرها أيضا لعدم القول بالفصل لكن إثبات عدم القول بالفصل مشكل على أنه يمكن منع التطهير في حال الاستهلاك أيضا وما ذكره من طهارة النجاسة عند استهلاكه لا يصلح دليلا لأنه قياس مع وجود الفارق إذ النجاسة استهلكت في النماء وسلب عنها اسمها فلم يبق نجاستها التابعة للاسم بخلاف الماء إذ لم يسلب عنه اسمه وإن اختلط بغيره بحيث لم يميزه الحس وبالجملة إثبات الحكم بمحض هذا الوجه مشكل وأما ما ذكره في الاتصال فقد علمت فيما سبق عدم تمامية دليلهم على الاتصال هذا ثم أنه (ره) بعد ذكره ما نقلنا عنه قال وبما ذكرناه ظهر ضعف تفصيل
(٢٤١)