قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحايض تطهر يوم الجمعة وتذكر الله قال أما الطهر فلا ولكنها توضأ في وقت الصلاة ثم تستقبل القبلة وتذكر الله تعالى وهذا بظاهره يدل على عدم صحة غسل يوم الجمعة منها لأن الظاهر أن مراد السائل من قوله تطهر الغسل وقوله (عليه السلام) وأما الطهر فلا إنكار للغسل بل يمكن أن يقال بظهوره في العموم أيضا أي عدم صحة الغسل مطلقا وعلى هذا فالأولى أن تترك الحايض الأغسال المندوبة في أثناء الحيض خصوصا غسل يوم الجمعة سوى ما خرج كالاحرام بالدليل لكن إذا كان الأغسال المندوبة واجبة بالنذر وشبهه ففيه إشكال ثم أعلم إنه ظهر بما تقدم أجزاء هذه الأغسال عن الوضوء للصلاة فهل تجزي عن الوضوء الواجب لغير الصلاة والوضوء المندوب وكالوضوء لدخول المساجد أولا الظاهر الاجزاء نظرا إلى إطلاق الروايات السابقة إلا وضوء الحايض فإن فيه ما سبق آنفا نعم إذا جوز لها الغسل حال الحيض لم يبعد أجزاءه عن الوضوء للذكر وأهل الذكر أعلم (ويقدم ما للفعل إلا التوبة والسعي إلى المصلوب وما للزمان فيه) لا يخفى شمول ما للفعل لما للمكان أيضا لان معنى الغسل للمكان الغسل لدخوله فيرجع إلى الفعل وجه ما ذكره ظهر مما تقدم وكان الصواب استثناء قتل الوزغ أيضا لما عرفت من أنه بعد الفعل ويرد عليه أيضا إن حال الغسل للكسوف كحاله للتوبة لأنه يمكن أن يجعل للقضاء فيكون مقدما عليه فلا حاجة إلى الاستثناء وإن يجعل للترك فيكون متأخرا عنه فيحتاج إليه وكذا الغسل للتوبة يمكن أن يجعل للصلاة كما يدل عليه ظاهر الرواية المتقدمة وأن يجعل للتوبة فلم لم يستثن غسل الكسوف واستثنى غسل التوبة ويمكن أن يقال أنه لما ينسب دائما ذلك الغسل إلى التوبة بخلاف غسل الكسوف إذ قد ينسب إلى القضاء وقد ينسب إلى الترك فلذا استثنى التوبة دون الكسوف مع أن جعل غسل الكسوف للترك مخل باختصار الضابطة لخروجه عن القسمين حينئذ فيحتاج إلى إيراد قسم آخر (فإن فات أمكن استحباب القضاء مطلقا) الظاهر تعلقه بما للزمان ووجه استحباب القضاء مطلقا غير ظاهرا لا ما ثبت فيه نص أو شهرة كقضاء غسل الجمعة أما بدونهما فلا وما يقال من أنه طاعة في نفسه فلا يؤثر فيها الوقت ضعيف جدا (ويستحب التيمم بدلا عن الوضوء المستحب الرافع) في هذا الحكم على إطلاقه نظر بل استحباب التيمم إنما يكون فيما فيه نص أو إجماع أو شهرة وليس كذلك كل ما يستحب فيه الوضوء الرافع كما هو الظاهر نعم ما ورد فيه الامر الاستحبابي بالطهارة مطلقا كما ورد في دخول المساجد لم يبعد أيضا الحكم باستحباب التيمم حال فقدان الماء لأنه طهور أيضا وقد مر في مبحث وجوب التيمم لدخول المساجد ما ينفعك في هذا الموضع وسيجئ في مبحث التيمم أيضا إنشاء الله تعالى ما يتعلق به (وللنوم ولصلاة الجنازة إذا خاف الفوت بالوضوء) يدل على الأول ما رواه الصدوق (ره) في الفقيه في كتاب الصلاة باب ما يقول الرجل إذا أوى إلى فراشه مرسلا قال قال الصادق (عليه السلام) من تطهر ثم أوى إلى فراشه بات وفراشه كمسجده فإن ذكر أنه ليس على وضوء فليتيمم من دثاره كائنا ما كان فإنه لم يزل في صلاة ما ذكر الله عز وجل ولا يخفى إن الرواية يدل على جوازه مع وجود الماء أيضا لكن بشرط أن يذكر عدم الوضوء حال الاضطجاع ويدل ظاهر النص على عدم اشتراط التراب بل يجوز أن يضرب يده على الدثار ثم إن ظاهر الرواية مختص كما ترى بحال ما إذا ذكر في الفراش أنه ليس على وضوء فهل يمكن إطراده في غير ذلك الحال أم لا فاعلم إن ها هنا أمور الأول جواز التيمم على الفراش للنوم مطلقا سواء ذكر في حال الاضطجاع أنه ليس على وضوء أو لا وسواء وجد الماء أو لا وسواء وجد التراب أو لا وهذا الحكم على إطلاقه لا وجه له كما لا يخفى سوى أقسام الصورة الأولى للرواية لكن في بعض أقسامها أيضا إشكال مثل ما إذا ذكر في الفراش عدم الوضوء وكان التراب حاضرا بحيث لم يحتج إلى القيام من الفراش فهل يجوز في هذه الحال التيمم على الدثار أو لا نظرا إلى إطلاق الرواية والى أن الظاهر أنه من قبيل الغالب لعدم التمكن من التراب في هذا الوقت غالبا وكذا الحال إذا تمكن من الوضوء كذلك الثاني جواز التيمم على التراب مع وجود الماء ولا وجه له إلا في الصورة السابقة التي استشكلنا فيها إذ الظاهر حينئذ جواز التيمم على التراب لكن لما كان المشهور بين الأصحاب جوازه مع وجود الماء مطلقا الثالث جواز التيمم على التراب مع فقد الماء ولا يبعد القول حينئذ لجوازه أما على رأى المصنف (ره) فظاهر لأنه اعتقد إن الوضوء للنوم رافع للحدث فيستحب التيمم بدلا منه كما ذكره وأما على ما ذكرنا من عدم وضوح هذه الكلية فلقوله (عليه السلام) من تطهر لان التطهر شامل للتيمم أيضا كما مر ولا يذهب عليك أنه إذا جوز التيمم مع فقد الماء فإذا فقد التراب أيضا جاز التيمم بالدثار وإن كان مستيقظا قبل الايواء فيحصل قسم آخر لجواز التيمم على الدثار فتدبر ويدل على الثاني ما رواه الكافي في باب من يصلي على الجنازة وهو على غير وضوء في الحسن عن الحلبي قال سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يدركه الجنازة وهو على غير وضوء فإن ذهب يتوضأ فاتته الصلاة عليها قال تيمم وما رواه أيضا في هذا الباب عن عبد الحميد بن سعد قال قلت لأبي الحسن (عليه السلام) الجنازة تخرج بها ولست على وضوء فإن ذهبت وأتوضأ فاتتني الصلاة إلى أن أصلي عليها وأنا على غير وضوء قال نكون على طهر أحب إلي وهذه الرواية في التهذيب أيضا بأدنى تغيير في الباب الثاني لباب الصلاة على الأموات والتقريب يظهر بالتأمل وقد أشرنا إليه سابقا وما رواه أيضا في الباب في الموثق عن سماعة قال سئلته عن رجل مرت به جنازة وهو على غير وضوء كيف يصنع قال يضرب بيديه على حايط اللبن ويتيمم وهذه الرواية في التهذيب أيضا في الباب المذكور وأنت خبير بأن هذه الرواية لا تدل على
(٥٠)