مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٧٠
ومع قطع النظر عنه قد عرفت شيوع النهي في الكراهة مع تأييد رواية أبي هلال ولها ومعاضدة الأصل والشهرة وأما الكراهة مطلقا فلا بأس بها للنواهي المطلقة ورواية أبي هلال الظاهرة في الكراهة والخبران الدالان على نفي البأس إذا كانت مأمونة يمكن حملهما على نفي شدة الكراهة لكن فيه بعد وأما الكراهة مقيدة فقوته جدا لوجود الروايتين المقيدتين وحمل المطلقات عليهما مع تأييدها بالتعليل العقلي المذكور لكن يخاف على هذا القول من عدم قايل به وبالجملة الاحتياط في الاجتناب عن التوضي بسؤرها مطلقا سواء كانت مأمونة أو لا وعن التوضي وغيره من الشرب ونحوه إذا لم يكن مأمونة والله أعلم ثم إن المصنف (ره) في البيان الحق بالحايض المتهمة كل متهم واستحسنه الشهيد الثاني (ره) وفيه تأمل لعدم دليل عليه والتعليل العقلي المذكور لا يصلح للاستناد والاعتماد ولعل الاجتناب المذكور لا يكون مناسبا للشريعة الحنفية السمحة السهلة وقد روى الصدوق في الفقيه في باب المياه عن علي (عليه السلام) قال وسئل علي (عليه السلام) أيتوضأ من فضل وضوء جماعة المسلمين أحب إليك أو يتوضأ من ركو أبيض مخمر فقال لا بل من فضل وضوء جماعة المسلمين فإن أحب دينكم إلى الله الحنيفية السمحة السهلة (والدجاج) قد أطلق العلامة وغيره كراهة سؤر الدجاج وعلل بعدم انفكاك منقارها عن النجاسة غالبا والمعتبر حكى عن الشيخ في المبسوط أنه قال يكره سؤر الدجاج على كل حال ثم قال المحقق وهو حسن إن قصد المهملة لأنها لا تنفك من الاغتذاء بالنجاسة قال المحقق الشيخ حسن وما شرطه في الحسن هو الحسن لا يخفى إن الحكم بالكراهة بمجرد هذا الوجه مشكل إلا أن يقال إن الامر بالاحتياط في الدين الذي ورد في بعض الروايات يشمل مثل هذه الصورة أيضا لكن لا يخفى أن بعد ورود الروايات العامة والخاصة الدالة بعمومها أو خصوصها على جواز التوضؤ والشرب من سؤره أو نفي البأس عنه مطلقا لا وجه للحكم بالكراهة وحمل الرويات على نفي الحرمة فقط من دون معارض من الروايات بل بمجرد ذلك الوجه العقلي بل الأولى إبقاء الروايات بحالها أما الروايات العامة فمنها ما رواه الكافي في باب الوضوء من سؤر الدواب والسباع في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا بأس أن يتوضى مما شرب منه ما يؤكل لحمه ومنها ما رواه أيضا في الباب المذكور في الموثق عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئل عما يشرب منه الحمامة فقال كل ما أكل لحمه تتوضأ من سؤره وتشرب وعن ماء يشرب منه باز أو صقر أو عقاب فقال كل شئ من الطير يتوضأ مما يشرب منه إلا أن ترى في منقاره دما فإن رأيت في منقاره دما فلا تتوضأ منه ولا تشرب وهذه الرواية في التهذيب أيضا في أواخر باب المياه وفي الاستبصار في باب سؤر ما يؤكل لحمه ولا يؤكل لحمه من طريق الكافي لكن زاد في الاستبصار وسئل عن ماء شربت منه الدجاجة قال إن كان في منقارها قذر لم تشرب ولم تتوضأ منه وإن لم تعلم إن في منقارها قذرا أتوضأ منه وأشرب ويمكن أخذ تعميم هذه الرواية النسبة إلى الدجاجة من وجهين أحدهما من جهة كل ما أكل لحمه والاخر من جهة الطير إن لم يمنع حمل الطير عليه عرفا وقد روى التهذيب الجزء الأول من هذه الرواية منفردا أيضا في الباب المذكور بعين هذا السند ومنها ما رواه التهذيب في أواخر باب تطهير الثياب في الموثق عن عمار أيضا لكن لا من طريق الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال في أثناء حديث وعن ماء شربت منه الدجاجة قال إن كان في منقارها قذر لم يتوضأ منه ولم يشرب وإن لم تعلم إن في منقارها قذرا توضأ منه واشرب وقال كل ما يؤكل لحمه فتتوضأ منه واشربه وعن ماء يشرب منه بازا وصقر أو عقاب قال كل شئ من الطير يتوضأ مما يشرب منه إلا أن ترى في منقاره دما فإن رأيت في منقاره دما فلا تتوضأ منه ولا تشرب والتعميم في هذه الرواية أيضا كما تقدم والظاهر أن الزيادة المذكورة أخذها الاستبصار من هذه الطريق وأسندها إلى طريق الكافي والله يعلم وأما في الروايات الخاصة فمنها ما نقلنا من الاستبصار والتهذيب من الزيادة المذكورة ومنها ما رواه الكافي في الباب المذكور أيضا عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال فضل الحمامة والدجاجة لا بأس به والطير وهذا الخبر في التهذيب أيضا في أواخر باب المياه من طريق الكافي ومنها ما رواه الفقيه في باب المياه مرسلا قال وسئل الصادق (عليه السلام) عن ماء شربت منه الدجاجة فقال إن كان في منقارها قذر لم يتوضأ منه ولم يشرب وإن لم يعلم في منقارها قذر توضأ منه واشرب والله يعلم (وسؤر غير مأكول اللحم على الأقرب) قد مر إن الشيخ (ره) في المبسوط حكم بنجاسة سؤر غير مأكول اللحم من الحيوان إلا نسي إلا ما قلنا من أنه استثناه وكذا نقلنا عن ابن إدريس وفي التهذيب و الاستبصار حكم بعدم جواز استعمال سؤر غير مأكول اللحم مطلقا سوى ما ذكرنا مما استثناه فيهما والفاضلان والشهيد الثاني وجمهور المتأخرين ذهبوا إلى ما ذهب إليه المصنف في الكتاب وهو الظاهر بالنظر إلى الأدلة المتعارفة أما أولا فلأصالة الطهارة لأن النجاسة يرجع حقيقة إلى وجوب الاجتناب عن موصوفها في الأكل والشرب ونحوهما من الاستعمالات وكذا وجوب الاجتناب عنه في الصلاة ونحوها من العبادات المشروطة بالطهارة ووجوب إزالتها عن المصاحف والمساجد ونحوهما وبالجملة مرجعها إلى اقتضاء وتكليف حتمي والأصل براءة الذمة من التكاليف حتى يثبت وكذا الكلام في أصالة الحل ويؤيد الأصل العقلي أيضا ما ورد في الروايات إن كل شئ نظيف حتى يستيقن أنه قذر وكل ماء طاهر حتى تعلم أنه قذر وكذا كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهى والحاصل إن العقل والنقل متطابقان في هذا الأصل ولا مخرج فيما نحن فيه عنه لضعف حجة المخالف كما سيظهر فيتعين العمل به وأما ثانيا فللآيات الكريمات أحديهما قوله تعالى حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير الآية مع انضمام قوله تعالى وما لكم أن لا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم الآية وجه الاستدلال إن قوله تعالى وقد فصل لكم إشارة إلى الآية المذكورة كما ذكروه وحينئذ فالظاهر أن المحرمات كلها مفصلة فيها وإلا فلا وجه لانكار عدم أكل ما ذكر اسم الله عليه معللا بأن المحرمات
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336