الدالة على أن كل ماء طاهر حتى يعلم أنه قذر ولاستصحاب الطهارة الوارد فيه النص بخصوصه كما سيجئ إنشاء الله تعالى في بحث تطهير الثياب وكذا طهارة الحوض الصغير نعم إذا تغير الحوض الصغير فلا يمكن الحكم بتطهره بإجراء تلك المادة إليه وكذا لا يمكن تطهير شئ نجس لا فيها ولا في الحوض الصغير وكذا الحال في جميع المياه المشكوك الكرية واعلم أنهم اكتفوا في الكرية بشهادة عدلين بها واختلف في الواحد فقد قطع المحقق الشيخ على الاكتفاء به بناء على أنه إخبار لا شهادة واستقرب لو كان له يد على الحمام كالمالك والمستأجر والوكيل ونقل عن فخر المحققين قبول قول ذي اليد على الحمام مطلقا سواء كان عدلا أم لا وفي غير شهادة العدلين إشكال قوي لعدم نص عليه وفيها أيضا بعض الاشكال السادس هل يعتبر في المادة تساوى سطوحها أم لا وقد نقلنا عن صاحب المعالم سابقا عدم اعتباره وقد مر باقي دليله والظاهر أن لا عبرة به في عدم انفعال الحوض الصغير كما مر وجهه مرارا وأما في التطهير فالامر مشكل لعدم ظهور الاجماع فيه إذ يجوز أن يكون إطلاقاتهم بناء على الغالب من مساواة سطوحها ولا دليل غيره أيضا ظاهرا والأولى رعايته آخذا باليقين والاحتياط (ولو انتزع الحمام من النابع فبحكمه) هذا الحم مما لا خفاء فيه ويشترط فيه اتصاله بالنابع وهو ظاهر (وماء الغيث نازلا كالنابع) المشهور بين الأصحاب إن ماء الغيث حالة تقاطره كالجاري وقد ذكر الشيخ في التهذيب إن ماء المطر إذا جرى من الميزاب فحكمه حكم ماء الجاري لا ينجسه شئ إلا ما غير لونه أو طعمه أو رايحته ويقرب منه ما في المبسوط أيضا ولنشتغل أولا بتحقيق ما هو المشهور ثم بيان ما ذكره الشيخ (ره) فاعلم إن كون حكمه حال التقاطر حكم الجاري إنما ينحل إلى أمور الأول عدم انفعاله بملاقاة النجاسة الثاني تطهيره للأرض النجسة وغيرها من الظروف والثياب ما عدا الماء الثالث تطهير للماء النجس وما يمكن أن يستدل به على الأول ما رواه التهذيب في زيادات باب المياه والفقيه في باب المياه في الصحيح عن علي بن جعفر أنه سأل أخاه موسى بن جعفر (عليه السلام) عن الرجل يمر في ماء المطر وقد صب فيه خمر فأصاب ثوبه هل يصلي فيه قبل أن يغسله فقال لا يغسل ثوبه ولا رجله ويصلي فيه فلا بأس وفيه أن دلالته موقوفة على نجاسة الخمر وهي ممنوعة وأيضا فيه إشعار بحصول الجريان فلا يدل على تمام المدعى وما رواه الكافي في باب اختلاط ماء المطر بالبول في الحسن عن الكاهلي عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قلت أمر في الطريق فيسيل علي الميزاب في أوقات اعلم إن الناس يتوضون قال ليس به بأس لا تسئل عنه قلت فيسيل علي من ماء المطر أرى فيه التغير وأرى آثار القذر فيقطر القطرات على وينتضح على منه والبيت يتوضأ على سطحه فكيف على ثيابنا قال ما بذا بأس لا تغسله كل شئ يراه ماء المطر فقد طهر وفيه أنه مرسل لا يصلح للتعويل وما رواه الكافي أيضا في الباب المذكور في الصحيح عن محمد بن إسماعيل عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) في طين المطر أنه لا بأس به أن يصيب الثوب ثلاثة أيام إلا أن يعلم أنه قد نجسه شئ بعد المطر فإن أصابه بعد ثلاثة أيام فاغسله وإن كان الطريق نظيفا لم تغسله وجه الاستدلال أنه (عليه السلام) حصر البأس في طين المطر فيما إذا نجسه شئ بعد المطر ففيما عداه لا بأس وهو شامل لما إذا كان الأرض نجسة قبل المطر فحينئذ يستفاد منه تطهير المطر للأرض وهو مستلزم لطهارته فثبت المطلوب وفيه أيضا القدح في السند ويمنع أيضا استلزام التطهر للطهارة وما رواه الفقيه في باب المياه قال وسئل (عليه السلام) عن طين المطر يصيب الثوب فيه البول والعذرة والدم فقال طين المطر لا ينجس والتقريب أيضا مثل ما تقدم من إطلاق عدم نجاسة طين المطر وفيه أيضا عدم صحة السند ومنع الاستلزام مع عدم ظهور العموم أيضا لا يقال لا حاجة إلى إثبات العموم وشموله لما إذا كانت الأرض نجسة قبل المطر لان في الخبر التصريح بوجود البول والعذرة في الطين لكن لا يمكن أخذه عاما بحيث يشمل حال التقاطر وما بعد الانقطاع للاجماع على تنجسه بعد الانقطاع بملاقات النجاسة ويجب تخصيصه مجال النزول فظهر إن حال النزول إنما يطهر الأرض النجسة ويمنعها عن الانفعال بالنجاسة وهو مستلزم للمطلب لأنا نقول لا تصريح في الخبر بأن الطين الذي يصيب الثوب إنما هو الذي يتصل بالبول والعذرة فيمكن أن يكون المراد الطين الذي يقرب منهما وحينئذ لا دلالة لعدم السراية وما رواه التهذيب في زيادات باب تطهير الثياب عن أبي بصير قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الكنيف يكون خارجا فيمطر السماء فيقطر على القطرة قال لا بأس به وفيه أيضا القدح في السند وأورد أيضا على الأربعة الأخير أنها إنما تدل على عدم نجاسته بوروده على النجاسة لا على العكس أيضا كما هو المدعى واحتج أيضا بأن الاحتراز عن ماء الغيث يشق فلو لا التخفيف لزم الحرج و ضعفه ظاهر واعلم إن هذه الأدلة وإن كان يتطرق إليها الأبحاث كما عرفت لكن لما مر مرارا أن عموم انفعال القليل لا دليل عليه سوى عدم القول بالفصل في بعض الموارد والقول بالفصل ها هنا موجود فالظاهر البناء على أصل الطهارة سيما مع الشهرة بين الأصحاب والتأييد بالروايات فإن قلت ما ذكرته معارض بما رواه التهذيب والفقيه في البابين المذكورين في الصحيح عن علي بن جعفر أنه سأل أبا الحسن (عليه السلام) عن البيت يبال على ظهره ويغتسل فيه من الجنابة ثم يصيبه المطر أيؤخذ من مائه فيتوضأ به للصلاة فقال إذا جرى فلا بأس به وفي التهذيب موضع المطر والماء وجه المعارضة أنه علق نفي البأس بالجريان فعند عدم الجريان يوجد البأس وهو شامل لحال التقاطر الذي ادعيتم وكذا بما رواه الفقيه في الباب المذكور في الصحيح عن هشام بن سالم أنه سئل أبا عبد الله (عليه السلام) عن السطح يبال عليه فيصيب الثوب فقال لا بأس به ما أصابه من الماء أكثر منه وجه المعارضة على قياس ما سبق أنه (صلى الله عليه وآله) علق نفي البأس بإصابة
(٢١١)