على المجاز ولو لم يرجح كثرة العمومات فلا أقل من التساوي والتساقط والأصل معنا سلمنا حمله على ظاهره من الوجوب لم لا يجوز أن يكون لأجل السمية لا للنجاسة لأنه احتمال غير بعيد بل ظاهر وحينئذ لا يثبت المطلب وما رواه التهذيب أيضا في الباب المذكور في الموثق عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال سئلته عن الخنفساء تقع في الماء أيتوضأ منه قال نعم لا بأس به قلت فالعقرب قال أرقه وهذا الخبر في الاستبصار أيضا بطريق التهذيب في باب ما ليس له نفس سائلة يقع في الماء وفيه مع ما في سابقه جميعا أنه لا يدل على الموت كما هو مطلوب الشيخ (ره) نعم يصلح حجة لابن البراج حيث لم يقيد الحكم بالموت ولو قيل إذا ثبت التنجيس في حال الحياة ففي الموت بطريق الأولى ففيه إن هذا انما يصبح إذا كان القائل قائلا بالتنجيس حال الحياة وأما مع عدمه فلا إذ لا بد حينئذ من أن يحمل الامر على الاستحباب وعلى هذا لا يبقى للدلالة وجه غايته أنه يدل على استحباب الإراقة حال الموت أيضا بطريق الأولى فإن قلت يمكن أن يقول لما ثبت أن حال الحياة لا ينجس الماء فلا بد من حمل الكلام على حالة الموت لئلا يلزم خروج الامر عن ظاهره قلت حينئذ يرد أنه لا بد على هذا من ارتكاب أحد خلافي ظاهرين أما التقييد بالميت وأما خروج الامر عن الوجوب وليس معك ما يرجح الأول على الثاني فلم لم يرتكبه مع أنه الراجح لشيوع حمل الامر على الاستحباب جدا في الأحاديث واعتضاده بالعمومات ولو فرض التساوي فغايته السقوط و الرجوع إلى الأصل ويمكن أن يحتج أيضا بما سبق في بحث البئر من رواية منهال حيث أمر باستقاء عشرة دلاء لخروج العقرب من البئر ميتة وفيه أيضا القدح في السند واحتمال الحمل على الاستحباب احتمالا ظاهرا أو عدم عمل الأصحاب بمضمونه مع إمكان المناقشة بجواز اختلاف حكم البئر وغيرها لكنها بعيدة فيما نحن فيه وبما ذكرنا ظهر حال ما ذهب إليه ابن البراج أيضا وأما ما ذهب إليه أبو الصلاح فقد مر تفصيل القول فيه في بحث البئر هذا ولا يذهب عليك أن الاحتياط في الاجتناب عما مات فيه العقرب لوقوع الخلاف وللروايات ولكونه مظنة السم والضرر بل عما خرجت عنه حية أيضا لظاهر خبر أبي بصير وظاهر كلام ابن البراج ولاحتمال السمية ثم لو فرض استعماله في الصورة الأخيرة فالأحوط أن لا يترك صب ثلاث أكف منه لحسنة هارون المتقدمة في بحث الفارة (ويحرم استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة) واختلف كلماتهم في معنى الحرمة ها هنا فالعلامة (ره) في النهاية صرح بأن المراد بها عدم الاعتداد بالطهارة وعدم أجزائه لا الاثم والمحقق الثاني صرح في شرحه للقواعد بأن المراد المعنى المتعارف واستدل عليه بأن استعمال المكلف الماء النجس في الطهارة وإزالة النجاسة إدخال لما ليس من الشرع فيه فيكون حراما لا محالة وفيه نظر إذ كونه من قبيل الادخال الذي يكون حراما ممنوع لا بد له من دليل ويمكن الاستدلال على الحرمة بالمعنى المتعارف في استعمال الماء النجس في الطهارة بما ورد كثيرا في الروايات من النهي عن الوضوء والغسل عن المياه النجسة مثل ما ورد في الماء المتغير بالنجاسة وغيره بحيث يفضي إحصائه إلى تطويل زايد ولا يبعد أن يقال كون مثل هذه النواهي ظاهرة في الحرمة ممنوع بل يجوز أن يكون كناية عن عدم أجزاء الطهارة جوازا غير مرجوح كما لا يخفى وقد يؤيد أيضا بما نقلنا في بحث البئر من رواية ابن بزيع حيث وقع في السؤال ما الذي يطهرها حتى يحل الوضوء منها للصلاة وقرره الإمام عليه السلام وفيه أيضا بعد تسليم كون ما وقع الإمام عليه السلام تقريرا الجميع ما في السؤال لجواز أن يكون تقريرا للتطهير فقط الذي هو الأصل في السؤال أنه يجوز أن يكون الحلية بمعنى الاجزاء جوازا مساويا وقال الشهيد الثاني في شرحه للشرايع أنه حرام مع اعتقاد شرعيته أما بدونه فلا وفيه بحث قد أومأنا إليه في بحث تثليث الغسلات وحاصله أن الاعتقاد لو حصل من الاجتهاد فينبغي أن لا أثم عليه ولا على الاستعمال المترتب عليه وإن كان خطأ بناء على ما هو معتقدهم من عدم أثم المخطي في الاجتهاد إلا أن يقال ليس هذه المسألة مما يجري فيه الاجتهاد بل هي من القطعيات فالخطأ فيها غير مغتفر وكيف كان الاحتياط في عدم الاستعمال ثم إن الحكم في عدم إجزاء الطهارة وضوء كان أو غسلا بالماء النجس كأنه إجماعي ويعلل أيضا بأن الطهارة تقرب إلى الله تعالى وهو لا يحصل بالنجاسة وضعفه ظاهر ويمكن أن يستدل عليه بصحيحة علي بن مهزيار وموثقة عمار ومرسلة إسحاق وسنوردها إنشاء الله تعالى في شرح المسألة التالية وبما ذكرنا آنفا من النهي الوارد في الروايات لكن هذا إنما يتم إذا ثبت أن النهي في العبادة يستلزم الفساد إذ يجوز أن يكون النواهي للحرمة لا لعدم الاجزاء ومجرد الحرمة لا يكفي في عدم الاجزاء وبالجملة لا شك في أن الاحتياط في عدم التطهر به في أكثر الصور نعم في بعض الصور النادرة كما إذا لم يكن إلا الماء النجس ويعلم المكلف إن بعد التطهر به يمكن أن يصل إلى ماء طاهر لكن لا يتسر له إلا تطهير أعضائه التي لاقاها الماء النجس لا الطهارة لا يبعد أن يكون الاحتياط في الطهارة بالماء النجس ثم تطهير الأعضاء ثم التيمم خصوصا إذا كان نجاسة الماء بما يختلف فيه لا بالمتفق عليه هذا ما يتعلق بالطهارة بالماء النجس وأما الطهارة بالماء المشتبه به فقد ادعى الشيخ في الخلاف والعلامة في المختلف الاجماع على عدمها وادعى المحقق أيضا في المعتبر الاتفاق على المنع منها وعلل أيضا فيه بأن يقين الطهارة في كل منها معارض بيقين النجاسة ولا رجحان فيتحقق المنع وأورد عليه صاحب المعالم بأن يقين الطهارة في كل واحد بانفراده إنما يعارضه الشك في النجاسة لا اليقين وهو جيد وأيضا لو تم المعارضة من دون رجحان فما الوجه في المصير إلى المنع لم لا يصار إلى البراءة والطهارة وتمسك العلامة في المنتهى تبعا للخلاف بأن الصلاة بالماء النجس حرام فالاقدام على ما لا يؤمن معه ان يكون نجسا إقدام على ما لا يؤمن معه فعل الحرام فيكون حراما وبأنه متيقن لوجوب الصلاة فلا يجوز إلا بمثله لصحيحة زرارة من أن اليقين لا ينقض بالشك أبدا وإنما ينقضه يقين آخر ويرد على الوجه الأول أنه إنما يتم لو كان هناك آية أو رواية حاكمة بأن الصلاة بالماء النجس
(٢٨١)