ويتمسك بالأصل ومنها ما رواه (ره) في هذا الباب في الصحيح عن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته عن غسل يوم الجمعة قال سنة في السفر والحضر إلا أن يخاف المسافر على نفسه الضرر والكلام فيه أيضا كالكلام في سابقه ومنها ما رواه في الكافي في باب التزيين يوم الجمعة في الحسن عن زرارة قال قال أبو جعفر (عليه السلام) لا تدع الغسل يوم الجمعة فإنه سنة وهذا أيضا مثل ما سبق ومنها ما رواه في التهذيب في الباب المذكور عن علي بن يقطين قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن غسل العيدين أو أجب هو فقال سنة قلت فالجمعة قال هو سنة وهذا أظهر دلالة من سابقيه من حيث قوبل السنة فيه بالوجوب ظاهرا وهو دليل الاستحباب لكنه ضعيف السند ومنها ما رواه أيضا في هذا الباب عن الحسين بن خالد قال سئلت أبا الحسن الأول (عليه السلام) كيف صار غسل يوم الجمعة واجبا قال إن الله تعالى أتم صلاة الفريضة بصلاة النافلة وأتم صيام الفريضة بصيام النافلة وأتم وضوء النافلة بغسل الجمعة ما كان في ذلك من سهو أو تقصير أو نسيان أو نقصان وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب وجوب الغسل يوم الجمعة ودلالته على الاستحباب من وجهين الأول كونه نظير الصيام النافلة وصلاة النافلة والثاني كونه لتمامية وضوء النافلة ويمكن المناقشة فيهما لكن الحق أنها مكابرة وأنه قرينة ظاهرة على حمل الروايات السابقة على الاستحباب لو لم يكن ضعيف السند وروى هذه الرواية في باب العمل في ليلة الجمعة أيضا وفيه موضع وضوء النافلة وضوء الفريضة وحينئذ الاستدلال من وجه واحد وروى هذا المضمون في الفقيه أيضا في باب غسل الجمعة وفيه وأتم الوضوء بدون القيدين وهذا ما يمكن أن يحتج به على الاستحباب من الروايات ومما يؤيده أيضا ضمه مع مستحبات يوم الجمعة في صحيحة هشام ابن الحكم رواها في الكافي في باب التزيين يوم الجمعة وفي التهذيب في باب العمل ليلة الجمعة قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) ليتزين أحدكم يوم الجمعة يغتسل ويتطيب ويسرح لحيته ويلبس أنظف ثيابه إلى آخر الحديث وإذ قد عرفت حال الروايات فنقول على هذا الظاهر القول بالاستحباب لأصالة براءة الذمة حتى يثبت بدليل معول عليه وقد ظهر أنه لا يحصل من دلايل الوجوب ظن صالح قوي يصلح للاعتماد خصوصا مع وجود المعارضات المذكورة وإن كان في كل منها شئ لكن المجموع إنما يضعف الظن بنقيضه وخصوصا اشتهار خلافه بين الأصحاب ومع هذا كله الأولى الاخذ بالاحتياط التام وعدم الاجتزاء على تركه والمواظبة على فعله مهما أمكن للتشديد العظيم والحث البليغ عليه الواقع في الشريعة واللوم والتوبيخ على تركه والفضل والثواب في فعله فقد روى في التهذيب في باب العمل ليلة الجمعة والكافي في باب وجوب غسل الجمعة عن الأصبغ بن نباتة قال كان أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا أراد أن يوبخ الرجل يقول والله أنت أعجز من تارك الغسل يوم الجمعة فإنه لا يزال في طهر إلى الجمعة الأخرى وروى في التهذيب أيضا في الباب المذكور عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من اغتسل يوم الجمعة فقال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وإن محمدا عبده ورسوله اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين كان له طهرا من الجمعة إلى الجمعة وهذه الرواية في الفقيه في باب غسل يوم الجمعة بتكرار لفظ أشهد وفيه أيضا عن الصادق (عليه السلام) غسل يوم الجمعة طهور وكفارة لما بينها من الذنوب من الجمعة إلى الجمعة هذا والأولى أن لا يتعرض في النية للوجوب أو الندب بل يكتفي بالقربة لما سيجئ إنشاء الله تعالى من عدم وجوب قصد الوجوب والندب أداء ما بين طلوع الفجر إلى الزوال أما كون مبدائه طلوع الفجر فلإضافة الغسل إلى يوم الجمعة كما مر في الروايات واليوم إنما هو من بعد طلوع الفجر لغة وشرعا وعرفا كما هو الظاهر فلا يجزي قبله ويكون مجزيا بعده أي وقت اتفق لاطلاق الروايات السابقة ويدل على المعنيين أيضا ما رواه في الكافي في باب التزيين يوم الجمعة عن زرارة والفضل قالا قلنا له أيجزي إذا اغتسلت بعد الفجر للجمعة قال نعم وكذلك أيضا ما رواه في التهذيب في باب الأغسال عن زرارة عن أحدهما (عليه السلام) قال إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزاك غسلت ذلك للجنابة والجمعة إلى آخر الحديث والظاهر أن الحكمين اجماعي أيضا وأما اختصاصه من اليوم بما قبل الزوال فقد قال في المعتبر أن عليه اجماع الناس ويدل عليه أيضا ما رواه في الكافي في باب التزيين عن زرارة قال قال أبو جعفر (عليه السلام) لا تدع الغسل يوم الجمعة فإنه سنة وشتم الطيب والبس صالح ثيابك وليكن فراغك من الغسل قبل الزوال فإذا زالت الشمس فقم وعليك السكينة والوقار ويؤيده أيضا ما روى في الغرض منه في زيادات التهذيب في باب الأغسال عن محمد بن عبد العزيز عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال كانت الأنصار تعمل في نواضحها وأموالها فإذا كان يوم الجمعة جاؤوا فتأذى الناس بأرواح إباطهم وأجسادهم فأمرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالغسل يوم الجمعة فجرت بذلك السنة ورواه في الفقيه بعينه في باب غسل يوم الجمعة وكذا ما رواه في التهذيب في باب الأغسال عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الرجل لا يغتسل ويوم الجمعة في أول النهار قال يقضيه في آخر النهار فإن لم يجد فليقضيه يوم السبت ولما كان القضاء لم يكن صريحا في كلامهم (عليه السلام) في المعنى المتعارف بين الفقهاء حكمنا عليه بالتأييد دون الاستدلال فإن قلت الامر بالقضاء أخيرا لا بد من حمله على المعنى المتعارف فليكن الأول أيضا كذلك للتوافق بين النظرين قلت حمل الأخير أيضا على المعنى المتعارف غير لازم لجواز حمله في الموضعين على الاتيان وإن كان كل من الاتيان بوجه آخر في الواقع وذلك لا يخل بالتوافق بين النظيرين وكذا أيضا ما روي في هذا الباب في الموثق
(٤١)