إذا لم نطلع على خبر سواه وقد اعترف الأصحاب به أيضا ودلالة الخبر على الغسل للتوبة عن الصغاير ممنوع إذ كون سماع الغناء من الصغاير غير معلوم وعلى تقديره أيضا نقول إن الخبر دال على إصرار الرجل عليه ولا صغيرة مع الاصرار فحينئذ إصراره في الصغاير مشكل مع أن في الكبائر أيضا إشكال بناء على اختصاص الرواية بمورد خاص من غير دلالة على الشمول قال المحقق (ره) في المعتبر وهذه مرسلة وهي متناولة لصورة معينة فلا يتناول غيرها والعمدة فتوى الأصحاب منضما إلى أن الغسل خير فيكون مرادا ولأنه تفال بغسل الذنب والخروج من ذنبه انتهى وهذا وإن كان في قوله الغسل خير على إطلاقه أو في تأمل كما ذكرنا سابقا أيضا وكذا في قوله ولأنه؟ لان إثبات الاحكام بمثل هذه الوجوه العقلية غير مناسب نعم إيراد هذه النكات بعد ثبوت الحكم بالدليل الشرعي لا بأس به على سبيل الاحتمال لا عل سبيل الجزم لان حكم الله تعالى مخفية كثيرة لا سبيل للعقل إلى إدراكها والإحاطة بها ولا يذهب عليك إن كلام العلامة (ره) أيضا يمكن أن يكون موافقا لكلام المفيد في التقييد بالكبائر لان الفسق ظاهره ما به يخرج من العدالة لا الذنب مطلقا والصغيرة لا يوجب الخروج عن العدالة لكن كلامه (ره) في النهاية ظاهر في التعميم وبما ذكرنا ظهر إن اختصاص الحكم بالكبائر أولى لعدم ثبوت شهره التعميم هذا إذا كانت الصغيرة محتاجة إلى التوبة إذ على عدم الاحتياج خارجة عن البحث وأما التوبة عن الكفر فالظاهر استحباب الغسل له للشهرة بالاجماع منا كما يشعر به عبارة المحقق في المعتبر قال الكافر إذا أسلم لم يجب عليه الغسل بل يستحب كما يستحب الغسل بل يستحب كما يستحب الغسل للتائب وهو مذهب الأصحاب وأكثر علماء الجمهور وقال مالك يجب انتهى والدليل على عدم الوجوب مع قطع النظر عن الشهرة أو الاجماع منا الأصل وعدم دليل ظاهر على خلافه ويؤيده أيضا أنه أسلم جماعة على عهد النبي (صلى الله عليه وآله) ولم يأمرهم بالغسل إذ فلو أمر لنقل وفيه أيضا ضعف لما سيظهر وما نقل من أمره (عليه السلام) لبعض بالغسل لعله إنما يكون لوقوع بعض الأسباب منهم مثل الجنابة إذ الغالب عدم الانفكاك عنه فإن وجوب الغسل بعد حدوث السبب مما لا خلاف فيه أو يكون أمره (عليه السلام) للندب (وقتل الوزغ) قال الصدوق (ره) في الفقيه وروى إن من قتل وزغا فعليه الغسل وقال بعض مشايخنا أن العلة في ذلك أنه يخرج عن ذنوبه فيغتسل منها وقال المحقق في المعتبر وعندي أن ما ذكره ابن بابويه (ره) ليس حجة وما ذكره المعلل ليس طايلا لأنه لو صحت علته لما اختص الوزغة انتهى والظاهر أن ما رواه الصدوق (ره) يكفي حجة في هذا الباب لما مر مرارا من التسامح في السنن والعلة التي ذكرها بعض المشايخ نكتة مناسبة فلا يحسن الايراد عليه بعدم الاطراد (ويقتضي غسل ليالي الافراد الثلاث بعد الفجر لرواية بكير عن الصادق (عليه السلام) قد ذكر هذا الحكم في الذكرى أيضا قال وروى بكير بن أعين عنه (عليه السلام) قضاء غسل ليالي الافراد الثلاث بعد الفجر إن فاته ليلا انتهى والظاهر أن مراده من رواية بكير ما رواه الشيخ (ره) في زيادات التهذيب في آخر باب الأغسال عنه قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام في أي الليالي اغتسل في شهر رمضان قال في تسع عشرة وفي إحدى وعشرين وفي ثلاث وعشرين والغسل أول الليل قلت فإن نام بعد الغسل قال هو مثل غسل الجمعة إذا اغتسلت بعد الفجر أجزأك إذ لم نجد في الكتب الأربعة رواية أخرى عنه في هذا الباب وأنت خبير بأن حمل الرواية على ما فهمه (ره) فاسد لمنافاته لقوله فإن نام بعد الغسل بل معناها كما هو الظاهر أن الغسل في أول الليل يجزي إلى آخره ولا يبطله النوم كما أن غسل الجمعة أيضا إذا اغتسلت بعد الفجر أجزأك لتمام اليوم ولا حاجة إلى إعادته بعد الحديث كما أشير إليه في صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة اللهم إلا أن يكون الرواية في كتاب آخر أو تكون نسخة تهذيبه مخالفة لما ذكرنا والله أعلم (ولا يرفع الغسل المندوب الحدث خلافا للمرتضى (ره) واعلم أن ها هنا مقامين الأول عدم رفع الغسل المندوب للحدث الأكبر وسنشرح القول فيه إنشاء الله تعالى في بيان تداخل أسباب الأغسال والثاني عدم رفعه للحدث الأصغر ولما علمت سابقا عدم تشخص معنى الحدث ورفعه فتعبر عن هذا المطلب بعدم كفايته عن الوضوء للصلاة والحاصل أن الخلاف في أنه بمجرد هذه الأغسال هل يستبيح الدخول في الصلاة ولا يحتاج إلى الوضوء قبلها أو بعدها أولا فالمشهور أنه لا يستباح بها الدخول بل لا بد من الوضوء قبل أو بعد والمرتضى (ره) على أنه يستباح به الدخول ولا حاجة إلى الوضوء لا قبل ولا بعد وهو مختار ابن الجنيد أيضا كما نقل في المختلف والأظهر ما ذهب إليه المرتضى (ره) لنا ما رواه الشيخ (ره) في التهذيب في باب حكم الجنابة في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال الغسل يجزي عن الوضوء وأي وضوء أطهر من الغسل وفي الكافي أيضا في باب صفة الغسل والوضوء قبله وروى أي وضوء أطهر من الغسل والايراد عليه بجعل اللام للعهد الخارجي إشارة إلى غسل الجنابة أو العهد الذهني من دون إشارة في الكلام لكن تحققه في ضمن غسل الجنابة في الواقع يدفعه سياق الكلام كما يشهد به الفطرة السليمة على أن الاحتمال الأخير يخرج الكلام عن الفائدة المعتد بها وكذا الايراد بأنه يجوز أن يكون المراد عدم الاحتياج إلى الوضوء لتحقق الغسل لا لأجل الصلاة وهذا أبعد من الأول بكثير لاباء لفظة يجزي عنه كل الاباء ولنا ما رواه أيضا (ره) في الباب المذكور في الصحيح عن حكم بن حكيم قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن غسل الجنابة فقال أقض وساق الحديث إلى أن قال قلت إن الناس يقولون يتوضأ وضوء الصلاة قبل الغسل فضحك وقال أي وضوء أنقى من الغسل
(٤٧)