مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ١٠٠
علمت من أن النية انما تحصل الامر الممكن (والفضيلة ليست بممكن لأنها موقوفة على الرفع) والرفع ها هنا ليس بممكن لأنه موقوف على الوضوء بقصد الرفع ولم يتحقق ويمكن أن يقال لا يتوقف حصول الرفع على الرفع بقصد الرفع بل أما بقصده أو بقصد ما يستلزمه وها هنا قصد ما يستلزمه وهو الفضيلة وقد يقال إن حصول ما يتوقف عليه المنوي أما يسلم فيما يمكن حصول المنوي وأما فيما لا يمكن كما فيما نحن فيه فلا والسند ظاهر ووجه عدم الامكان ها هنا إن هذا الوضوء لا يصلح لان يكون محصلا للرفع والفضيلة معا وإلا لكان ابتدائيا و مجددا معا وهو محال بل عند كونه رافعا يفوت التجديد اللهم إلا أن يقال بعدم لزوم إمكان الموقوف وأنه بمنزلة قصد شيئين فإذا لم يمكن أحدهما تحقق الاخر فتدبر وبما قررنا ظهر أن الأظهر على تقدير اشتراط الوجه والاستباحة عدم رفع المجدد كما لا يخفى هذا كله إذا حمل مراده (ره) من قصد الصلاة وتحصيل الفضيلة على ما هو الظاهر من الاتيان بالصلاة وعلى الوجه الكامل وأما إذا حمل على قصد الاستباحة التقديرية وتدارك ما على فاته في الوضوء الأول فلا يرد ما ذكر لكن يبنى الكلام حينئذ على اشتراط الجزم في النية وعدمه فعلى الأول لا يصح ما ذكر وعلى الثاني يصح واعلم إن المصنف (ره) في الذكرى قال إن الوضوء المجدد لا بد فيه من ذلك القصد وبدونه لا يشرع وفيه تأمل لا يخفى وجهه (وفي الغسلة الثانية منه أشد بعدا) وجهه ظاهر (وأبعد من الجميع لو انغسلت في الثالثة) المراد الغسلة الثالثة التي يكون بدعة سواء كانت في الوضوء الأول أو الثاني ويتفاوت البعد فيهما أيضا كما لا يخفى ووجه الأبعدية أنها بدعة ليست بشرعية فكيف يحسب في الشرعي وهو ظاهر ولا يذهب عليك إن الظاهر على ما اخترناه أيضا عدم الصحة في هذه الصورة لما قررناه من أنه لا بد من أن لا ينوي إلى آخر الوضوء نية مخالفة للقربة وها هنا قد انتفى ذلك الشرط نعم لو لم يعتقد بدعية الثالثة ففعلها معتقدا شرعيتها أو اعتقد لكنه غفل فأتى بها بقصد الشرعية لكان الوجه حينئذ الصحة (وطهارة الصبي تمرينية فينوي الوجوب) ليقع التمرين موقعه والمراد بالوجوب أما الوجوب في حقه بمعنى اللابدية أو الوجوب في حق المكلف أو يقال بعدم كونه قصدا حقيقيا بل تخيليا شبيها بالقصد ليعتاد ويمرن عليه وقد يقال أنه ينوي الندب لتحققه في حقه دون الوجوب لعدم تحققه أما الثاني فظاهر وأما الأول فلان الندب لا معنى له سوى أن يكون مطلوبا من الشارع ويثاب على فعله ولا يعاقب على تركه وهذا المعنى متحقق في فعله أما المطلوبية فلامر الشارع الولي بأمره والامر بالامر أمر وأما الثواب فلقبح أن يأمر أحد أحدا بمشقة بدون عوض وأما الثالث فظاهر والظاهر أنه إذا كان له تميز ويفعل ما يفعله بقصد القربة فلا يبعد حينئذ القول بأنه مثاب وأما إذا لم يكن كذلك فلا نعم القول بلزوم العوض كأنه لا بأس به (فلو بلغ في الوقت استأنف إن بقي قدر الطهارة وركعة وإلا فلا) وجوب الاستيناف بناء على عدم كونها طهارة شرعية وكذا ساير أفعاله لعدم التكليف في حقه وبه قال العلامة (ره) أيضا وكلام الشيخ (ره) في المبسوط يدل على شرعية أفعاله لما حكم بأن الصبي والصبية إذا بلغا في أثناء الصلاة بما لا ينقض الطهارة أتما وفي الخلاف أوجب إعادة الصلاة مع بقاء الوقت محتجا بأن الندب لا يجزي عن الواجب ولم يذكر الطهارة وهذا أيضا يشعر باعتقاده شرعيتها من حيث حكمه بالندبية ومن حيث عدم ذكر الطهارة إذ لو كان اعتقد عدم الشرعية لكان الظاهر الحكم بإعادة الطهارة أيضا فإذن الظاهر اعتقاده الشرعية لكن حكم بإعادة الصلاة للوجه المذكور ولما لم يجز هذا الوجه في الطهارة إذ بالطهارة المندوبة يستباح الصلاة الواجبة لم يحكم بإعادتها والمحقق (ره) في المعتبر وافق المبسوط في الصبية ووجه كونها شرعية بأمر الولي بأمره كما مر واستدل على شرعية طهارته خاصة بوجه آخر وهو أنها يستباح بها الصلاة التي هي حرام على المحدث وضعفه ظاهر والمسألة محل تردد والحكم بوجوب استيناف الطهارة لا يخلو من إشكال وما ذكره من الاشتراط سيجئ القول فيه في كتاب الصلاة انشاء الله تعالى (وغسل الوجه وهو ركن وكذا غسل باقي الأعضاء) المراد بالركن الجزء ويلزم الركنية بطلان الوضوء بترك واحد منها لعدم الاتيان بالمأمور به معه والذي يدل عليها الآية والاخبار والاجماع (وهو من قصاص الشعر إلى المحادر طولا وما دار عليه الابهام والوسطى عرضا) القصاص مثليه القاف منتهى منابت شعر الرأس من مقدمه ومؤخره والمراد هنا المقدم والمحادر جمع محدر أي محل الانحدار والمراد طرف الذقن وهو بالتحريم مجمع اللحيين اللذين فيهما منابت الأسنان السفلى وتحديد الوجه الواجب غسله في الوضوء بهذا الحد طولا وعرضا هو المشهور بين الأصحاب بل كاد أن يكون إجماعا وفي المعتبر والمنتهى أنه مذهب أهل البيت (عليه السلام) واستدل عليه بما رواه الفقيه في باب حد الوضوء في الصحيح قال قال زرارة بن أعين لأبي جعفر الباقر (عليه السلام) أخبرني عن حد الوجه الذي ينبغي أن يتوضأ الذي قال الله عن رجل فقال الوجه الذي قال الله عز وجل بغسله الذي لا ينبغي لاحد أن يزيد عليه وينقص منه إن زاد عليه لم يوجر وإن نقص منه أثم ما دارت عليه الابهام والوسطى من قصاص شعر الرأس إلى الذقن وما جرت عليه الإصبعان مستديرا فهو من الوجه وما سوى ذلك فليس من الوجه فقال الصدغ من الوجه قال لا وهذه الرواية في التهذيب والكافي أيضا في باب صفة الوضوء وباب حد الوجه مضمرة مع أدنى تغيير ومعنى الرواية على ما فهمه القوم إن قوله (عليه السلام) ما دارت عليه الابهام والوسطى بيان لعرض الوجه وقوله من قصاص شعر الرأس إلى الذقن بيان لمطوله وقوله (عليه السلام) ما جرت عليه الإصبعان انتهى كأنه تأكيد لبيان العرض و حملها المحقق البهائي (ره) على معنى آخر وهو أن كلا من طول الوجه وعرضه ما اشتمل عليه الابهام والوسطى بمعنى إن الخط الواصل من القصاص إلى طرف الذقن وهو مقدار ما بين الإصبعين غالبا إذا فرض ثبات وسطه وأدير على نفسه ليحصل شبه دايرة فذلك القدر هو الوجه الذي يجب غسله قال في الحبل المتين وذلك
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336