مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٣٤
وأما استحبابه للطواف المندوب واشتراطه به وعدمه فسيجئ إنشاء الله تعالى في كتاب الحج وحمل المصحف لم نقف في الرواية على ما يدل عليه والعلامة (ره) في المنتهى والنهاية والمصنف (ره) في الذكرى عللاه بالتعظم ولا يخفى إن إثبات الحكم به مشكل لكن لا بأس بالقول به للشهرة بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) بناء على التسامح في أدلة السنن وهاهنا بحث لا بد من التنبيه له لنفعه في امتثال هذه المواضع وهو أنه قد اشتهر بين العلماء إن الاستحباب إنما يكتفي فيه بالأدلة الضعيفة وأورد عليه أن الاستحباب أيضا حكم شرعي كالوجوب فلا وجه للفرق بينهما والاكتفاء فيه بالضعاف وأجيب عنه بأن الحكم بالاستحباب فيما ضعف مستنده ليس في الحقيقة بذلك المستند الضعيف بل بما رواه ثقة الاسلام (ره) في أصول الكافي في باب من بلغه ثواب من الله على عمل بطريق حسن بإبراهيم بن هاشم عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من سمع شيئا من الثواب على شئ فصنعه كان له وإن لم يكن على ما بلغه ويؤيده ما رواه أيضا في هذا الباب عن محمد بن مروان قال سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول من بلغه ثواب من الله على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب أوتيه وإن لم يكن كما بلغه ولا ريب أن السند الأول سند معتبر معول عليه سيما مع انضمامه بما يؤيده ويعضده فيكون صالحا للاحتجاج وقد ذكر بعض العلماء ورود هذا المضمون بطريق صحيح أيضا ولم أره في الكتب الأربعة المشهورة لكن رأيته في كتاب المحاسن للبرقي ولعله أراد ذلك ويخدش الجواب بعد تسليم صحة الاحتجاج بأمثال هذه الأسانيد بأن مفاد الروايتين أنه وإذا روى إن في العمل الفلاني ثوابا كذا مثلا فعمل أحد ذلك العمل رجاء لذلك الثواب فإنما يؤتاه وإن كان ما روى خلاف الواقع لا أنه إذا روى أصل العمل أيضا كان الآتي به مثابا والفرق بينهما ظاهرا لا أن يقال الاخبار بأن الفعل الفلاني قد أمر به يستلزم الاخبار بأن فيه ثوابا إذ الامر يستلزم الثواب فإذا فعل ذلك الامر رجاء للثواب لزم أن يؤتاه به بناء على الروايتين فإن قلت الثواب كما يكون للمستحب كذلك يكون للواجب أيضا فلم خصص الحكم بالمستحب قلت الامر كما ذكرت من شمول سماع الثواب على شئ للواجب والمستحب لكن الروايتين لا يدلان على الوجوب بعد السماع إذ غاية ما يدلان عليه أنه إذا فعل أحد بعد السماع يكون مثابا وذلك إنما يستلزم رجحان فعله لا فساد تركه فيكون الفعل مستحبا فعلى هذا إذا روى الامر الوجوبي بشئ بطريق ضعيف لكان فعله مستحبا لما ذكرنا وما ترى يفعل الأصحاب من حمل الروايات الضعيفة الدالة على الوجوب صريحا إن ظاهرا أو احتمالا مساويا للندب على الاستحباب إنما هو بمعنى أن الحكم بالنسبة إلينا الاستحباب لما عرفت لا أنهم يحملون الامر في الرواية على الاستحباب فاعلم هذا ينفعك في بعض المواضع ويخدش أيضا بأن بين الروايتين وبين ما يدل على عدم العمل بقول الفاسق من قوله تعالى إن جائكم فاسق بنبأ الآية عموما من وجه ولا تصريح فيهما بأنه إذا عمل بقول الفاسق أيضا لكان يحصل الثواب لأن عدم كون الحديث كما بلغ لا يستلزم أن يكون راويه فاسقا كما لا يخفى ولا ترجيح لحمل الثاني على الأول فلم لم يعكس ويخص سماع الثواب من العدل ويمكن أن يقال الآية دالة على عدم العمل بقول الفاسق بدون التثبت والعمل به فيما نحن فيه بعد ورود الروايتين ليس عملا بلا تثبت ولا يتوهم تخصيص الروايتين لها حينئذ إذ بهما يخرج بعض الافراد عن عنوان الحكم لا عن الإرادة وليس هذا تخصيصا وقد مر توضيحه في فواتح الكتاب ويخدش أيضا بأن المسألة أي ثبوت الاستحباب بالأدلة الضعيفة إنما هو من مسائل الأصول على المشهور وجواز الاكتفاء فيه بالظن الحاصل من خبر الواحد محل إشكال ولتحقيق الكلام في هذا المقام موضع آخر وبالجملة الجواب لا يخلو عن شائبة لكن اشتهار العمل بهذه الطريقة بين الأصحاب من غير نكير ظاهر بل بين العامة أيضا مما يجرء النفس ويشجعها عليه لعل الله يقبل عذرها ولا يؤاخذها به ولا يخفى أن حكم مس المصحف المندوب حكم الحمل في شهرة استحباب الوضوء له بين الأصحاب فلا بأس بالقول به وكان المصنف إنما اقتصر على الحمل ليحمل المس عليه بطريق الأولى (وأفعال الحج الباقية) سيأتي إنشاء الله تعالى في بابه (وصلاة الجنازة) هذا الحكم أيضا مشهور بين الأصحاب والذي يدل على عدم وجوبه من الروايات ما رواه الشيخ (ره) في التهذيب في الباب التالي لباب الصلاة على الأموات في الموثق عن يونس بن يعقوب قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الجنازة أصلي عليها على غير وضوء فقال نعم إنما هو تكبير وتسبيح وتحميد وتهليل كما تكبر وتسبح في بيتك على غير وضوء وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب من يصلي على الجنازة وهو على غير وضوء وفي الفقيه في باب الصلاة على الميت وما روي في الكافي أيضا في الباب المذكور عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليه السلام) قال سئلته عن الرجل يفجأه الجنازة وهو على غير طهر قال فليكبر معهم لكن يمكن حمل هذه الرواية على الاضطراري كما يشعر به لفظ يفجأه وما يدل على استحبابه ما رواه الشيخ (ره) في الباب المذكور عن عبد الحميد بن سعيد قال قلت لأبي الحسن (عليه السلام) الجنازة يخرج بها ولست على وضوء فإن ذهبت أتوضأ فاتتني الصلاة يجزي أن أصلي عليها وأنا على غير وضوء قال تكون على طهر أحب إلي وهذه الرواية في الكافي أيضا في الباب المتقدم بأدنى تغيير لكن يمكن أن يقال أن الظاهر من الطهر في كلام الإمام (عليه السلام) التيمم لان السائل إنما سأله (عليه السلام) عن الحال التي لا يمكن فيه الوضوء فحكمه (عليه السلام) فهذه الحال باستحباب الطهر لا بد من حمله على التيمم كما هو الظاهر وبالجملة الامر واضح بعد حصول
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336