من الغايط بالقياس على الناسي بالطريق الأولى وأما في الاستنجاء من البول فسيجئ إنشاء الله تعالى في البحث المذكور وجاهل الحكم لا يعذر سيجئ هذا أيضا إنشاء الله تعالى في البحث المذكور (درس يجب في الوضوء النية المشتملة على القربة وهي موافقة إرادة الله تعالى والوجوب والرفع أو الاستباحة) النية في اللغة العزم والقصد يقال نواك الله بخير أي قصدك ونويت السفر أي قصدته وعزمت عليه وفي الاصطلاح القصد الخاص الذي يختلف بالنسبة إلى الافعال وبالنظر إلى المذاهب كما ستطلع عليه إنشاء الله تعالى ثم أن المحقق (ره) في المعتبر قال النية شرط في صحة الطهارة وضوء كانت أو غسلا أو تيمما وهو مذهب الثلاثة وأتباعهم وابن الجنيد ولم أعرف لقدمائنا فيه نصرا على التعيين انتهى لكن الشيخ (ره) في الخلاف والعلامة (ره) في المختلف نقلا الاجماع على وجوب النية وهو ظاهر المنتهى أيصا وفي الذكرى أن ابن الجنيد (ره) عطف على المستحب قوله وإن يعتقد عند إرادة طهارته أنه يؤدي فرض الله فيها لصلوته وأنت خبير بإمكان توجيهه بحيث لا ينافي كلام الثلاثة بأن يقال مراده استحباب أن يعتقد أنها للصلاة أي قصد الاستباحة بل قصد الوجوب أيضا كما يشعر به قوله فرض الله لا استحباب أصل النية واستدل على الوجوب بما روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنما الأعمال بالنيات وإنما لا مرئ ما نوى وعن علي بن الحسين (عليه السلام) لا عمل إلا بنية وعن الرضا (عليه السلام) لا قول إلا بعمل ولا عمل إلا بنية ولا نية إلا بإصابة السنة والكل لا يخلو عن مناقشة أما الأول والأخيران فلأنها لما كان يمكن حملها عل الحقيقة لمحذور الكذب فلا بد من ارتكاب تجوز والتجوز فيها بحملها على نفي الصحة ليس أولى منه بحملها على نفي الثواب ولو سلم أنه أقرب المجازات إليها نقول أن حملها عليه يستلزم التخصيص لخروج كثير من الأعمال حينئذ من الحكم اتفاقا بخلاف حملها على نفي الثواب فلا أولوية أيضا على هذا التقدير وأما الثاني فلجواز حمله على مثل ما حملناها عليه من أن المراد أن للمرء ما نواه من المثوبات الأخروية أو الاغراض الدنيوية إلا أنه ليس له شئ أصلا مما لم ينوه لكن لا يخفى أن جواز هذا الحمل فيه لا ظهور كما في البواقي فهو أجود الدلايل واستدل أيضا على وجوبها بالأدلة التي تدل على تقدير تمامها على وجوب بعض الخصوصيات التي سنفصلها إنشاء الله تعالى فلا حاجة في ذكرها هاهنا بل نوردها عند الاستدلال على وجوب الخصوصيات ولنشتغل الان بذكر الخصوصيات التي يتشخص بها النية مما اتفق على وجوبه أو اختلف وما يتعلق به من الدلايل والأبحاث ونبدأ أولا بقصد الفعل وأنه هل يجب قصده حتى ولا يعتد بوضوء الغافل مثلا أولا الظاهر الوجوب للاجماع عليه كما ادعاه العلامة (ره) في المختلف ويمكن الاستدلال عليه أيضا بالروايات السابقة لان مع عدم القصد إلى الفعل ينتفي جميع القصود فلا نية أصلا فلا عمل ويرد عليه أيضا ما ذكروا ما وجوب قصد القربة فقد ادعى العلامة (ره) في المختلف الاتفاق على وجوبه أيضا والشيخ (ره) وإن لم يذكرها في المبسوط لكن كأنه تركها للظهور واستدل عليه أيضا بوجوه منها قوله تعلى وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة وفيه أنه إنما يدل على وجوب الاخلاص بمعنى البراءة من الشرك أو البراءة من الرياء وليس مرادهم بالقربة التي ذكروها هذا القدر بل أزيد منه كما سنذكر نعم لو أكرموا بمجرد وجوب عدم القصد إلى كونه عبادة لغير الله أو عدم الرياء لأمكن الاستدلال به مع أن فيه وجوها آخر أيضا من البحث كما سيأتي إنشاء الله تعالى في بحث بطلان الوضوء بضم المنافي ومنها قوله تعالى فاعبدوا الله مخلصين وفيه إن كون الوضوء عبادة ممنوع ولو سلم فلا نسلم أن معنى الآية لا تعبدوا الله إلا على حال الاخلاص حتى يكون نهيا في الحقيقة عن عدم الاخلاص بأن معناها الامر بالعبادة المقرونة بالاخلاص والامر لا يدل على الدوام والتكرار ويكفي في الامتثال به به الاتيان بعبادة ما مخلصا إلا أن يتمسك بعدم القول بالفصل ولو سلم ففيه أيضا الايراد المذكور في سابقه ومنها قوله تعالى فاعبدوا الله مخلصا وفيه أيضا الايرادات المذكورة مع اختصاصه بالنبي (صلى الله عليه وآله) وإشكال إثبات وجوب التأسي ومنها قوله تعالى قل الله أعبد مخلصا له ديني وفيه أيضا الايرادات السابقة مع أنه ليس فيه أمر بالعبادة مخلصا بل بالقول إلا أن يقال أن التأسي في القول أيضا واجب ووجوب هذا القول علينا يستلزم وجوب العبادة مخلصا أيضا كما لا يخفى ثم أنهم فسروا القربة بوجهين أحدهما ما ذكره المصنف وهو موافقة إرادة الله تعالى أي يكون الاتيان بالوضوء لأجل أنه مراد الله تعالى وموافق رضاه وفي حكمه أيضا كونه أهلا للعبادة وكون العبادة شكر النعمة وشبهه وثانيهما طلب الرفعة عنده ونيل الثواب لديه تشبيها بالقرب المكاني وفي حكمه أيضا الخوف من العقاب وشبهه واختلفوا بعد الاتفاق على صحة الأول وفضيلته لما أشار إليه مولينا ومقتدانا أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك في صحة الثاني وعدمها فقد نقل المصنف في قواعده عن الأصحاب بطلان العبادة بهاتين الغايتين أي طلب الثواب والخوف من العقاب وبه أيضا قطع السيد رضي الدين بن طاووس (ره) محتجا بأن قاصد ذلك إنما قصد الرشوة والبرطيل ولم يقصد وجه الرب الجليل وهو دال عل أن عمله سقيم وأنه عبد لئيم وهو الظاهر من كلام المصنف أيضا في هذا الكتاب حيث فسر القربة بالوجه الأول فقط واختار في قواعده وفي الذكرى الصحة قال في الذكرى والظاهر أن كلا منهما محصل للاخلاص وقد توهم قوم أن قصد الثواب يخرج عنه لأنه جعله واسطة بينه وبين الله وليس بذلك لدلالة الآي والاخبار عليه وترغيبات القرآن والسنة مشعرة به ولا نسلم أن قصد الثواب مخرج عن ابتغاء
(٨٨)