مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٨٨
من الغايط بالقياس على الناسي بالطريق الأولى وأما في الاستنجاء من البول فسيجئ إنشاء الله تعالى في البحث المذكور وجاهل الحكم لا يعذر سيجئ هذا أيضا إنشاء الله تعالى في البحث المذكور (درس يجب في الوضوء النية المشتملة على القربة وهي موافقة إرادة الله تعالى والوجوب والرفع أو الاستباحة) النية في اللغة العزم والقصد يقال نواك الله بخير أي قصدك ونويت السفر أي قصدته وعزمت عليه وفي الاصطلاح القصد الخاص الذي يختلف بالنسبة إلى الافعال وبالنظر إلى المذاهب كما ستطلع عليه إنشاء الله تعالى ثم أن المحقق (ره) في المعتبر قال النية شرط في صحة الطهارة وضوء كانت أو غسلا أو تيمما وهو مذهب الثلاثة وأتباعهم وابن الجنيد ولم أعرف لقدمائنا فيه نصرا على التعيين انتهى لكن الشيخ (ره) في الخلاف والعلامة (ره) في المختلف نقلا الاجماع على وجوب النية وهو ظاهر المنتهى أيصا وفي الذكرى أن ابن الجنيد (ره) عطف على المستحب قوله وإن يعتقد عند إرادة طهارته أنه يؤدي فرض الله فيها لصلوته وأنت خبير بإمكان توجيهه بحيث لا ينافي كلام الثلاثة بأن يقال مراده استحباب أن يعتقد أنها للصلاة أي قصد الاستباحة بل قصد الوجوب أيضا كما يشعر به قوله فرض الله لا استحباب أصل النية واستدل على الوجوب بما روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنما الأعمال بالنيات وإنما لا مرئ ما نوى وعن علي بن الحسين (عليه السلام) لا عمل إلا بنية وعن الرضا (عليه السلام) لا قول إلا بعمل ولا عمل إلا بنية ولا نية إلا بإصابة السنة والكل لا يخلو عن مناقشة أما الأول والأخيران فلأنها لما كان يمكن حملها عل الحقيقة لمحذور الكذب فلا بد من ارتكاب تجوز والتجوز فيها بحملها على نفي الصحة ليس أولى منه بحملها على نفي الثواب ولو سلم أنه أقرب المجازات إليها نقول أن حملها عليه يستلزم التخصيص لخروج كثير من الأعمال حينئذ من الحكم اتفاقا بخلاف حملها على نفي الثواب فلا أولوية أيضا على هذا التقدير وأما الثاني فلجواز حمله على مثل ما حملناها عليه من أن المراد أن للمرء ما نواه من المثوبات الأخروية أو الاغراض الدنيوية إلا أنه ليس له شئ أصلا مما لم ينوه لكن لا يخفى أن جواز هذا الحمل فيه لا ظهور كما في البواقي فهو أجود الدلايل واستدل أيضا على وجوبها بالأدلة التي تدل على تقدير تمامها على وجوب بعض الخصوصيات التي سنفصلها إنشاء الله تعالى فلا حاجة في ذكرها هاهنا بل نوردها عند الاستدلال على وجوب الخصوصيات ولنشتغل الان بذكر الخصوصيات التي يتشخص بها النية مما اتفق على وجوبه أو اختلف وما يتعلق به من الدلايل والأبحاث ونبدأ أولا بقصد الفعل وأنه هل يجب قصده حتى ولا يعتد بوضوء الغافل مثلا أولا الظاهر الوجوب للاجماع عليه كما ادعاه العلامة (ره) في المختلف ويمكن الاستدلال عليه أيضا بالروايات السابقة لان مع عدم القصد إلى الفعل ينتفي جميع القصود فلا نية أصلا فلا عمل ويرد عليه أيضا ما ذكروا ما وجوب قصد القربة فقد ادعى العلامة (ره) في المختلف الاتفاق على وجوبه أيضا والشيخ (ره) وإن لم يذكرها في المبسوط لكن كأنه تركها للظهور واستدل عليه أيضا بوجوه منها قوله تعلى وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة وفيه أنه إنما يدل على وجوب الاخلاص بمعنى البراءة من الشرك أو البراءة من الرياء وليس مرادهم بالقربة التي ذكروها هذا القدر بل أزيد منه كما سنذكر نعم لو أكرموا بمجرد وجوب عدم القصد إلى كونه عبادة لغير الله أو عدم الرياء لأمكن الاستدلال به مع أن فيه وجوها آخر أيضا من البحث كما سيأتي إنشاء الله تعالى في بحث بطلان الوضوء بضم المنافي ومنها قوله تعالى فاعبدوا الله مخلصين وفيه إن كون الوضوء عبادة ممنوع ولو سلم فلا نسلم أن معنى الآية لا تعبدوا الله إلا على حال الاخلاص حتى يكون نهيا في الحقيقة عن عدم الاخلاص بأن معناها الامر بالعبادة المقرونة بالاخلاص والامر لا يدل على الدوام والتكرار ويكفي في الامتثال به به الاتيان بعبادة ما مخلصا إلا أن يتمسك بعدم القول بالفصل ولو سلم ففيه أيضا الايراد المذكور في سابقه ومنها قوله تعالى فاعبدوا الله مخلصا وفيه أيضا الايرادات المذكورة مع اختصاصه بالنبي (صلى الله عليه وآله) وإشكال إثبات وجوب التأسي ومنها قوله تعالى قل الله أعبد مخلصا له ديني وفيه أيضا الايرادات السابقة مع أنه ليس فيه أمر بالعبادة مخلصا بل بالقول إلا أن يقال أن التأسي في القول أيضا واجب ووجوب هذا القول علينا يستلزم وجوب العبادة مخلصا أيضا كما لا يخفى ثم أنهم فسروا القربة بوجهين أحدهما ما ذكره المصنف وهو موافقة إرادة الله تعالى أي يكون الاتيان بالوضوء لأجل أنه مراد الله تعالى وموافق رضاه وفي حكمه أيضا كونه أهلا للعبادة وكون العبادة شكر النعمة وشبهه وثانيهما طلب الرفعة عنده ونيل الثواب لديه تشبيها بالقرب المكاني وفي حكمه أيضا الخوف من العقاب وشبهه واختلفوا بعد الاتفاق على صحة الأول وفضيلته لما أشار إليه مولينا ومقتدانا أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك في صحة الثاني وعدمها فقد نقل المصنف في قواعده عن الأصحاب بطلان العبادة بهاتين الغايتين أي طلب الثواب والخوف من العقاب وبه أيضا قطع السيد رضي الدين بن طاووس (ره) محتجا بأن قاصد ذلك إنما قصد الرشوة والبرطيل ولم يقصد وجه الرب الجليل وهو دال عل أن عمله سقيم وأنه عبد لئيم وهو الظاهر من كلام المصنف أيضا في هذا الكتاب حيث فسر القربة بالوجه الأول فقط واختار في قواعده وفي الذكرى الصحة قال في الذكرى والظاهر أن كلا منهما محصل للاخلاص وقد توهم قوم أن قصد الثواب يخرج عنه لأنه جعله واسطة بينه وبين الله وليس بذلك لدلالة الآي والاخبار عليه وترغيبات القرآن والسنة مشعرة به ولا نسلم أن قصد الثواب مخرج عن ابتغاء
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336